مراسلو الجزيرة نت
غازي عنتاب- بعد كارثة الزلزال المدمر، فقد حذيفة العثمان (لاجئ سوري، 37 عاما) منزله في مركز مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا، حيث تعرض لتصدعات جعلته غير قابل للسكن، وقررت السلطات هدمه لاحقا.
ليس حذيفة العثمان وحده من ارتبكت حياته بعد الزلزال، حيث يعاني المئات من اللاجئين السوريين بسبب المنازل المتصدعة، مما دفعهم للإقامة في أماكن عشوائية أو تكدس أكثر من عائلة في منزل واحد، فيما انتقل آخرون لولايات أخرى، بينما هناك من قرر العودة إلى سوريا بشكل نهائي.
يقول العثمان للجزيرة نت: “ذهبت لأرى المنزل بعد حصول الزلزال، كان الدمار واضحا في غرف المنزل والممرات وفي الجدران الخارجية، حاولت حمل ما يمكن حمله من الأغراض وتركته”.
ويضيف الشاب أن السلطات قررت هدم المنزل بعد فحصه، ما جعله ينتقل إلى منزل صديقه للإقامة بشكل مؤقت، في الوقت الذي يبحث فيه عن منزل جديد للإيجار وسط ارتفاع الإيجارات، كما يبحث عن فرصة عمل بعدما فقد وظيفته أيضا.
رزق مؤقت
بالرغم من مضي ما يقارب الشهر على كارثة الزلزال الذي ضرب الجنوب التركي والشمال السوري، فإن آثار الصدمة لا تزال واضحة على وجوه العديد من الناجين ممن قابلناهم.
من بينهم قصي الحسن الذي فقد وظيفته بعد الزلزال واضطر للعمل بمجال آخر.
يقول الحسن إن “العمل في مجال الإنشاءات متوقف حاليا حيث إن أرباب العمل معظمهم إما خارج المدينة أو أوقفوا نشاطاتهم مؤقتا”.
وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف “كنا نتقاضى أجرنا بشكل أسبوعي، وبسبب قلّته لا يمكننا ادخار بعض المال الإضافي، ما جعلنا نقع في أزمة مالية، أما حاليا فوجدت عملا في ورشات الخياطة، لكن لا أعرف إلى متى سيبقى الحال هكذا”.
بسبب ضيق الحال جنوب تركيا وعدم وجود أفق مستقبلي، يبدو أن العودة إلى سوريا باتت الخيار الأخير للبعض، مثل بسام المحمد.
في حديثه للجزيرة نت، يقول المحمد إن “صاحب منزله طلب المنزل منه ومعه مهلة شهر حتى يخليه، الأمر الذي جعله يفكر في العودة إلى سوريا، بعدما فقد الأمل بإيجاد منزل للإيجار يناسب دخله الشهري”.
وارتفعت إيجارات المنازل في المدينة بشكل لافت، بينما باتت المنازل في الطوابق الأرضية والأولى الأكثر تفضيلا لدى الأهالي.
مساعدات تركية
تلقى العديد من اللاجئين السوريين في غازي عنتاب رسائل لتسلّم حزمة مساعدات بقيمة 10 آلاف ليرة تركية (الدولار حوالي 19 ليرة) بعدما تم فحص منازلهم، وتبين أنها تعرضت لضرر خفيف أو متوسط أو باتت معرضة للهدم.
بشار أحد اللاجئين السوريين الذين تلقوا هذه الرسالة وتسلموا المبلغ، يقول إن “المبلغ جاء في وقته حيث ساعده في الاستقرار في مدينة قيصري مؤقتا، ريثما يزول خطر الهزات الارتدادية التي تحصل يوميا”.
وفي حديثه للجزيرة نت، يضيف أن المساعدة المالية الحكومية وصلت بعد تقييم منزله بالضرر الخفيف وأنه قابل للسكن.
في المقابل، هناك العديد من اللاجئين السوريين ممن لم يتلقوا هذه الرسائل بالرغم من حالة منازلهم المتدهورة إثر الزلزال، فيما يبدو أن السبب هو عدم تقييد عناوينهم بشكل قانوني، الأمر الذي حرمهم من تلقي هذه المساعدة.
مبادرات فردية وتطوعية
تشكلت عقب كارثة الزلزال العديد من المبادرات التطوعية بين اللاجئين السوريين، بغرض مساعدة المنكوبين ممن تضرروا بشدة بسبب الكارثة.
ناصر العلي، أحد هؤلاء المبادرين يقول للجزيرة نت إنه “انضم لتجمع من المتطوعين السوريين الذي تشكل عقب الزلزال، حيث يضم الآن ما يزيد على 200 عضو متطوع، بينهم أطباء باختصاصات مختلفة ورجال أعمال وناشطون ميدانيون وغيرهم”.
ويضيف العلي أنهم أسهموا عبر التبرعات الفردية في إمداد أكثر من 50 عائلة سورية في غازي عنتاب بخيام وأغطية، كما أنهم ساعدوا أكثر من 20 عائلة في تأمين مأوى مؤقت لهم ضمن المنازل التي لم يحصل فيها أي ضرر.