مراسلو الجزيرة نت
لندن- تحت شعار “أوقفوا القوارب” أعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك خطته الجديدة لمنع المهاجرين الذين يصلون إلى البلاد عبر القناة البحرية التي تفصل بين بريطانيا وفرنسا.
وما إن تم الإعلان عن تفاصيل الخطة حتى اندلع جدل قانوني وحقوقي واسع في بريطانيا، بسبب إجراءاتها التي تغلق الباب نهائيا أمام المهاجرين الذين يصلون إلى البلاد عبر القوارب الصغيرة.
وبرر سوناك إقراره هذه الخطة بعجز حكومته عن إيجاد حل للقوارب المتدفقة على البلاد، وأنه “حاول بكل الطرق” ولم يبق أمامه سوى حرمان كل من يصل عن طريق هذه القوارب من حق اللجوء.
وتحاول الحكومة من خلال الخطة الجديدة الالتفاف على قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي سبق أن ألغت قرار وزارة الداخلية البريطانية ترحيل عدد من طالبي اللجوء إلى رواندا.
ما الجديد؟
- تمنح خطة سوناك الجديدة التي تم عرضها على البرلمان للتصويت وزارة الداخلية البريطانية صلاحية احتجاز وترحيل كل من يصل عبر القوارب الصغيرة إلى رواندا أو إلى جهة ثالثة آمنة، مما يعني حرمان أي شخص من الواصلين عبر البحر من حق تقديم طلب اللجوء.
- لن يكون بمقدور الأشخاص المحتجزين دفع الكفالة من أجل إطلاق سراحهم، أو الحصول على حق المراجعة القضائية خلال 28 يوما الأولى من احتجازهم، وهي المدة التي ستكون كافية للتحضير لترحيل المهاجرين المعتقلين.
- سيخضع الأطفال (أقل من سن 18 سنة) للاحتجاز أيضا، ولن يكون بمقدورهم التمتع بحق لم الشمل مع أسرهم، وسيتم تأجيل ترحيلهم في حال كان وضعهم الصحي لا يسمح، وهو الأمر الذي ينطبق على الأشخاص الذي يعانون من مشاكل صحية خطيرة أو حياتهم معرضة للخطر في حال الترحيل.
- سيتم وضع أسماء الأشخاص الذين يصلون إلى البلاد عبر القوارب الصغيرة على “لائحة سوداء”، بحيث يمنعون من العودة إلى بريطانيا حتى لو بطريقة قانونية، وكذلك حرمانهم من طلب الجنسية البريطانية في المستقبل، ويشار إلى أنه بدأ تطبيق القانون اعتبارا من الأسبوع الجاري، وكل واصل عبر القناة البحرية سيتعرض للاعتقال ثم الترحيل.
غير قابلة للتطبيق
وصفت كلير موسلي -مؤسِسة منظمة “كير فور كاليه” (Care4calais) البريطانية العاملة في الدفاع عن حقوق اللاجئين- خطة سوناك “بأنها غير قابلة للتطبيق وصادمة”.
وأكدت الناشطة الحقوقية في اتصال مع الجزيرة نت أن هذه الخطة “لن تغير من الواقع شيئا، فكيف يمكن التعامل مع الآلاف الموجودين حاليا في كاليه (محطة دخول المهاجرين من فرنسا)، والأكيد أنهم سيعبرون في أي لحظة إلى بريطانيا؟”.
وقالت موسلي إن التجارب السابقة أكدت أن أي خطط من أجل المنع والاعتقال “دائما تفشل لأنه من الصعب على وزارة الداخلية اعتقال كل هؤلاء وتنظيم ترحيلهم”.
وأضافت “إن كان الغرض هو التخويف فهذا أيضا رهان فاشل، لأن هؤلاء الناس لا خيار لهم سوى العبور نحو بريطانيا”.
ولم تجد موسلي تفسيرا لما تقوم به الحكومة البريطانية سوى أن “هذه الحكومة لا تريد لاجئين في البلاد”، معبرة عن ثقتها بأن خطة سوناك ستتم مواجهتها في المحاكم “وأعتقد أنه سيكون من السهل إسقاط هذا القانون، لما يتضمنه من مصطلحات ومقتضيات مبهمة وغير واضحة”.
وانتقدت الناشطة الحقوقية البريطانية عدم جدية حكومتها في التعاطي مع الكثير من المقترحات للتعامل مع ملف اللاجئين، وقالت “اشتغلنا برفقة تكتل من المؤسسات الحقوقية والقانونية على خطة لحل قضية المهاجرين القادمين من كاليه الفرنسية والبت في ملفاتهم خلال أسبوعين، وكل الدراسات التي كانت لدينا تفيد بنجاحها، لكن مع الأسف الحكومة رفضت النظر فيها ولم تناقش الأمر معنا”.
انتظروا المأساة
من جهته، توقع جيمس ويلسون مدير مؤسسة “دتنشن أكشن” (Detention Action) العاملة في مجال حماية حقوق طالبي اللجوء أن النظام سيساهم في تأزيم ملف طالبي اللجوء في بريطانيا ولن يحلها.
وأكد الحقوقي البريطاني في حديثه للجزيرة نت أن الخطة الحالية للحكومة البريطانية سترفع أعداد المحتجزين في مراكز طالبي اللجوء 10 أضعاف، وهو “مؤشر مقلق لأن أوضاع طالبي اللجوء ستزداد سوءا داخل هذه المراكز”.
وشدد ويلسون على أن هذه الخطة هي حرمان حقيقي للناس من حق اللجوء الذي تضمنه كل المواثيق الدولية، مضيفا أن نظام الاحتجاز البريطاني بحق اللاجئين “يعاني من شروط غير إنسانية وسوء معاملة وتدبير، وهو ما ظهر خلال الفترة الماضية في أكثر من مركز احتجاز”، متوقعا أن يتفاقم الوضع أكثر.
وخاطب ويلسون الحكومة البريطانية بأن عليها الاستماع للحقوقيين والتعامل مع طالبي اللجوء بعدالة وفاعلية بدل التخلي عنهم وتركهم لمصير مجهول “قد يعرض حياتهم للخطر”.