غزو العراق أضعف الثقة بالحكومة البريطانية، وعمّق السخط الشعبي والقلق اللذين أفضيا في ما بعد إلى خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.
13/3/2023–|آخر تحديث: 13/3/202305:41 PM (مكة المكرمة)
نشرت صحيفة “غارديان” (The Guardian) البريطانية مقالا يرى كاتبه أن الغزو الأميركي للعراق ما زال يلقي بظلاله على المشهد السياسي في بريطانيا، حليفة الولايات المتحدة التي شاركت في الغزو، رغم مضي 20 عاما على أحداثه.
وأبرز الكاتب الصحفي البريطاني جون هاريس -في مقاله بالصحيفة- أن أحداث غزو العراق، الذي بدأ يوم 20 مارس/آذار 2003، أسهمت في تحطيم ثقة الشعب البريطاني بحكومته.
وقال إن الذكرى العشرين للغزو، التي تصادف الاثنين المقبل، لا تمثل تذكيرا بمسؤولية بلير وآخرين عن أكبر كارثة سياسية وإنسانية تورطت فيها المملكة المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية فحسب، بل تمثل أيضا اللحظة التي بدأ فيها مركز الثقل السياسي المفترض في بريطانيا يترنح على نحو متهور وكارثي.
وذكّر هاريس بأن حزب المحافظين والغالبية العظمى من الصحافة البريطانية دعموا غزو العراق حينها، وعليه فإن الذكرى السنوية لتلك الحرب المدمرة تعد مثالا حيا على مخاطر التفكير على نحو جماعي، والنتائج القاتمة التي يفضي إليها اختزال الحقائق المعقدة في روايات بسيطة.
وأشار إلى أن الناس في العراق، الذي يعاني جروحا غائرة ويعيش أزمات متلاحقة، وفي المنطقة ككل، ما زالوا يعانون يوميا بسبب تداعيات تلك الحرب. بينما يملك البعض في بريطانيا، والغرب عموما، رفاهية التفكير في أن تلك الحرب كانت حدثا بعيدا تلاشى بمرور الوقت.
كما أشار إلى أن كاتب عمود في صحيفة “فايننشال تايمز” (Financial Times) قال الأسبوع الماضي إن “حرب العراق لم تترك أثرًا يذكر في العالم الغربي”، وإن الغزو “لم يزعزع السياسات” الغربية.
سخط شعبي
ويؤكد هاريس أن حدثا بهذا الحجم يترك لا محالة تأثيرات عميقة على المملكة المتحدة، وذلك بسبب المسار الكارثي للحرب والسبب الذي على أساسه بررت بريطانيا مشاركتها في الغزو الذي سرعان ما تبين أنه لا أساس له من الصحة، وهو الأمر الذي أنتج أزمة ثقة بالحكومة لدى الشعب البريطاني تفاقمت بمرور الوقت.
وأشار المقال، الذي نشر تحت عنوان “بعد 20 عاما، ذكريات الحرب في العراق ربما تلاشت، لكنها شكلت بريطانيا المتراجعة التي نراها اليوم”، إلى أن عودة سريعة للتقارير الصادرة خلال الغزو تجعل المرء يدرك الفجوة العميقة التي شكلتها تلك الأحداث بين السلطة وسياساتها من جهة وجمهور الشعب البريطاني من جهة أخرى.
وخلص هاريس إلى أن الخدع التي سوقت الحكومة من خلالها مشاركتها في غزو العراق قد تكون تلاشت، لكن آثارها ما زالت مستمرة.
وقال إن غزو العراق لطّخ سجل رئيس الوزراء السابق توني بلير السياسي، وقضى على رؤية حزب العمال التي كانت تقدم بريطانيا بصفتها دولة فتية واثقة من نفسها.
كما أحال أوهام “التدخل الليبرالي” إلى رماد، وعمّق السخط الشعبي والقلق اللذين أفضيا في ما بعد إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.