واشنطن ـ تتجه الأنظار إلى نيويورك ترقبا لمثول الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أمام المحكمة الثلاثاء المقبل، لمواجهة لائحة اتهام لم يتم الكشف عنها بعد، وتعرض الجزيرة نت 6 أسئلة أساسية حول المحاكمة المرتقبة.
وكان الادعاء في نيويورك قد وجه إلى ترامب تهمة شراء صمت ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز، خلال فترة الدعاية لانتخابات الرئاسة عام 2016.
-
بماذا يُتهم ترامب؟
في حين أن التهم الدقيقة سرية في الوقت الحالي، فقد خلص المدعون إلى أنه يمكنهم إثبات قضية جنائية ضد ترامب في اتهامه بدفع 130 ألف دولار لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز، مقابل تسترها عن علاقة تقول إنها كانت قائمة بينها وبينه، وقام محامي ترامب مايكل كوهين بترتيب دفع هذا المبلغ لها.
وأصر ترامب في أبريل/نيسان 2018 على أنه لا يعرف شيئا عن دفع هذه الأموال، لكن كوهين قدم للكونغرس سلسلة من صور الشيكات التي وقعها ترامب له.
ويقول كوهين هناك شيكان على الأقل دفعا أثناء وجود ترامب في البيت الأبيض، مضيفا أن ترامب وشركته أخفيا الغرض من المدفوعات من خلال تصنيفها زورا بأنها نفقات قانونية.
وبموجب قانون ولاية نيويورك، يعد إخفاء مثل هذه المدفوعات في سجلات الشركات جريمة، في حين يعد جنحة فقط، أو بخرق قوانين تمويل الحملات الانتخابية بما يشكل جناية جريمة جنائية وتصبح جناية إذا كانت السجلات التجارية المزورة تهدف إلى إخفاء جريمة أخرى، وهي في هذه الحالة تمويل حملة ترامب الرئاسية في انتهاك مزعوم لقوانين تمويل الحملات الانتخابية.
وقد يكون أقوى دليل على مثل هذا الارتباط بالسياسة هو التوقيت، فبعد أشهر من المطالب تم تحويل الأموال إلى محامي دانيلز في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2016، قبل أيام فقط من الانتخابات الرئاسية لعام 2016.
-
ما الثغرات المحتملة في قضية الادعاء؟
من الصعب تقييم القضية ضد ترامب دون معرفة التهم الدقيقة أو جميع الأدلة التي حشدها المدعون العامون خلال التحقيق الذي استمر أكثر من 4 سنوات، ولكن استنادا إلى المعلومات المتاحة حتى الآن، حدد الخبراء القانونيون العديد من سمات القضية التي قد تشكل حجر عثرة في الوقت الذي يسعى فيه المدعون العامون إلى إصدار حكم بالإدانة.
وبداية، فمصداقية مايكل كوهين، الذي يعتمد عليه المدعي العام، حيث قدم الكثير من الأدلة والشهادات اللازمة لرفع القضية، ضعيفة ومحل تساؤلات، خاصة أنه أقر بالذنب في عام 2018 في 9 جنايات وحكم عليه بالسجن 3 سنوات قضاها في سجن فدرالي، كما أعرب مرارا وتكرارا عن مرارة شديدة تجاه ترامب، وعن ندمه على الوقت الذي قضاه محاميا له.
كما أن تاريخ القضية يعود إلى 2016، أي مر عليها أكثر من 5 سنوات، وقانون التقادم في نيويورك لمعظم الجنايات هو 5 سنوات، ولكن هناك بعض الاستثناءات لهذه المدة، كأن يكون المتهم يعيش خارج الولاية.
صعوبة محتملة أخرى قد يتعين على المدعين العامين إثبات أن ترامب كان يعلم بأن الترتيبات غير قانونية، ويمكن أن يجادلهم ترامب بأنه افترض أن كوهين بصفته محاميا، كان ينفذ المدفوعات والأوراق ذات الصلة بطريقة قانونية.
-
هل سيحتجز ترامب أم يبقى حرا أثناء مداولات القضية؟
سيكون الأمر متروكا لتقدير قاضي محكمة نيويورك المكلف بالقضية خوان ميرشان، لكن يبدو من غير المرجح أن يسعى المدعون العامون إلى احتجاز الرئيس السابق أو تقييد سفره داخل الولايات المتحدة أثناء نظر القضية، حيث لا يوجد عائق قانوني يمنعه من مواصلة حملته للانتخابات الرئاسية المقررة في نهاية 2024 بينما يواجه تهما جنائية أو حتى لو حكم بسجنه.
إذا فاز ترامب بالرئاسة بينما يواجه اتهامات أو إدانة، فإن الجوانب القانونية تصبح أكثر غموضا، هناك أسئلة دستورية خطيرة حول ما إذا كان بإمكان محكمة الولاية منع شخص منتخب لمنصب فدرالي من الخدمة، في الوقت الذي لا يمنع فيه الدستور ذلك.
-
كيف ستؤثر لائحة الاتهام على التحقيقات الجارية بحق ترامب؟
لا يوجد سبب للاعتقاد بأن لائحة الاتهام في مانهاتن ستؤثر على مسار العديد من التحقيقات الأخرى التي تشكل خطرا حادا لمزيد من التهم الجنائية ضد ترامب، وتدرس هيئة محلفين كبرى في مقاطعة فولتون بولاية جورجيا محاولته لإلغاء نتائج انتخابات 2020 الرئاسية في تلك الولاية، وعلى المستوى الفدرالي، يقود المستشار الخاص جاك سميث تحقيقين مزدوجين في دور ترامب في هجوم السادس من يناير/ كانون الثاني 2021 على مبنى الكابيتول واحتفاظه بالوثائق الحكومية بعد رئاسته.
من الناحية الرسمية، فإن قضية جنائية فدرالية ضد ترامب -إذا رفعت- ستسمح للمدعين الفدراليين بالأسبقية على أي قضية أو قضايا محلية.
كما أن الإجراءات الجنائية المتزامنة ضد ترامب ستسبب حتما بعض المشاكل اللوجستية، لكن عادة ما يحاول الفدراليون والمدعون العامون المحليون حل أي نزاعات لوجيستية.
-
كم من الوقت سيستغرق تقديم ترامب للمحاكمة؟
سيستغرق الأمر عدة أشهر لبدء المحاكمة، وحتى لو كان كلا الجانبين حريصين على المضي قدما في المحاكمة بسرعة، فمن المرجح أن تمتد تسوية المسائل القانونية والدستورية خلال العام المقبل وحتى موسم الانتخابات التمهيدية لعام 2024.
أضف إلى ذلك ميل ترامب، في كل مسألة قانونية تقريبا متورط فيها، للسعي إلى تأخير الإجراءات وإطالة أمدها كلما أمكن ذلك.
ويمكن لمحامي ترامب محاولة نقل القضية إلى محكمة اتحادية، بحجة أن بعض الدفعات المالية على الأقل لكوهين حدثت عندما كان ترامب رئيسا، وبالتالي لا ينبغي أن يكون لمحكمة الولاية سلطة للفصل في قانونية هذه الممارسات، وقد يسعى ترامب أيضا إلى نقل المحاكمة إلى محكمة مختلفة في مكان آخر في ولاية نيويورك، ويمكنه أن يحاول إسقاط لائحة الاتهام أو تخفيضها، وسيستغرق البت في جميع هذه الالتماسات التمهيدية وقتا طويلا.
استغرقت قضية ضريبية جنائية رفعها مكتب المدعي العام لمنطقة مانهاتن ضد منظمة ترامب في المحكمة نفسها في عام 2021 حوالي 15 شهرا للوصول إلى الحكم، وأدانت هيئة محلفين شركتين لترامب في جميع التهم الجنائية في 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ورغم أن القضية الجديدة أضيق، فإن التركيز على ترامب شخصيا سيطيل أمد القضية.
-
هل يمكن أن ينتهي الأمر بترامب لقضاء عقوبة في السجن؟
يتوقف هذه على اعتبار القاضي خوان ميرشان للجريمة جنحة أم جناية، وإذا انتهت القضية بإدانة ترامب كجنحة، يتم معاقبة تزوير السجلات التجارية لمدة تصل إلى عام خلف القضبان، ولكن إذا تم رفعها إلى جناية، فقد يواجه ترامب ما يصل إلى 4 سنوات في السجن.
لكن في كلتا الحالتين، لن يكون الحكم بالسجن إلزاميا، ويمكن للقاضي أيضا أن يحكم على ترامب بالمراقبة أو الغرامة أو خدمة المجتمع، وغالبا لا يُسجن الشخص إذا كانت إدانته في قضية لا تتعلق بالعنف هي الأولى في تاريخه، لكن يبقى أن القاضي ربما يفضل ولأسباب رمزية سجن ترامب دفعا لمبدأ “أن ترامب ليس فوق القانون”.