أبعد من بوتين.. رسالة رعب للمحكمة الدولية ذكّرت بميلوسيفيتش

“لا معنى له”.. بتلك العبارة علقت أمس المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، على قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

لكن يبدو أن السيدة الشقراء أصابت في جهة وأخطأت في أخرى.

فما القيمة الفعلية والعملية لهذا القرار؟

للإجابة عن هذا السؤال لابد أولا من توضيح عدة نقاط:

-مذكرة التوقيف التي صدرت بحق بوتين ومفوضة حقوق الطفل الروسية ماريا ألكسييفنا لفوفا بيلوفا، استندت إلى اتهامهما بالترحيل القسري للأطفال من أوكرانيا إلى روسيا، لاسيما أن الترحيل القسري للسكان يعتبر جريمة بموجب معاهدة روما الأساسية التي أنشأت هذه المحكمة.

– على الرغم من أن روسيا كانت من الدول الموقعة على معاهدة روما فإنها انسحبت منها عام 2016، مؤكدة أنها لا تعترف باختصاص المحكمة.

– أما لجهة أوكرانيا فهي أيضا ليست من الدول المنضوية إلى محكمة لاهاي، لكنها منحتها قبل أشهر الولاية القضائية للتحقيق في جرائم حرب مرتكبة على أراضيها من قبل القوات الروسية.


وقد زار المدعي العام للمحكمة كريم خان، أربع مرات كييف خلال العام الماضي قبل التوصل إلى قناعته حول حصول عمليات خطف وترحيل لأطفال أوكرانيين، تورط بها الكرملين.

بوتين لن يسلم

إذاً روسيا لا تعترف بالمحكمة الجنائية ولا تسلم بطبيعة الحال مواطنيها لها أو لأي دولة بالخارج، فكيف برئيسها القوي؟ وبالتالي بوتين لن يسلم بأي حال من الأحوال إليها.

لكن ما أهمية قرار الجنائية الدولية إذا؟

يرى بعض المراقبين أن إصدار مذكرة التوقيف يبقى لحظة مهمة دولياً، لأنه يرسل إشارة قوية إلى كبار المسؤولين الروس -عسكريين ومدنيين – الذين قد يكونون عرضة للمحاكمة إما الآن أو في المستقبل، ويحد من قدرتهم على السفر دوليًا، بما في ذلك حضور المنتديات الدولية، بحسب ما أفادت صحيفة “الغارديان” البريطانية.


iStock-تظاهرات ضد  الحرب في أوكرانيا

iStock-تظاهرات ضد الحرب في أوكرانيا

كما أن تلك الخطوة ترسل رسالة أخرى إلى أي حاكم جديد قد يحل على الكرملين لاحقا مكان بوتين.

فقد يرى أي رئيس روسي مستقبلي للبلاد أن تسليم بوتين إلى لاهاي أقل تكلفة سياسياً من حمايته.

شبح ميلوسيفيتش يطل

وقد حصل هذا الأمر فعلا مع سلوبودان ميلوسيفيتش، الرئيس السابق ليوغوسلافيا، الذي أدين بسلسلة من جرائم الحرب من قبل المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في خضم حرب كوسوفو عام 1999.

ففي عام 2001، وسط صراع بين شخصيات معارضة رئيسية في صربيا بعد سقوط ميلوسيفيتش من السلطة، تجاهل رئيس الوزراء زوران دجيندجيتش، حكمًا قضائيًا يحظر التسليم وأمر بنقل ميلوسيفيتش إلى لاهاي، قائلاً: “أي حل آخر باستثناء التعاون مع لاهاي سيؤدي بالبلد إلى كارثة”.

وجاء اعتقال ميلوسيفيتش – قبل نقله – بعد ضغوط على الحكومة اليوغوسلافية لاحتجاز الرئيس السابق أو المخاطرة بخسارة مساعدات اقتصادية أميركية كبيرة، وقروض من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

يشار إلى أن المتحدث الرسمي باسم الجنائية الدولية فادي العبد الله، كان أوضح أمس في اتصال مع “العربية” أن قرار اعتقال الرئيس الروسي ليس إدانة وإنما دعوة للمثول والتحقيق فقط، مؤكداً أن تنفيذ الاعتقال مرهون بتعاون الدول المنضوية ضمن المحكمة!