انتقد الكاتب جوزيف مسعد أستاذ سياسة العرب الحديثة وتاريخ الأفكار بجامعة كولومبيا الأميركية حركة الاحتجاجات الإسرائيلية الحالية ضد حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتينياهو اليمينية، قائلا إن هذه الحركة التي يقودها الليبراليون لا تهدف إلى الدفاع عن الديمقراطية، بل عن الامتيازات العرقية لليهود.
وقال مسعد -في مقال له بموقع ميبا نيوز التركي (Mepanews.com)- إن الحقوق التي يخشى المحتجون الإسرائيليون خسارتها هي أساس الظلم الموجه ضد الفلسطينيين والتهجير القسري.
ويضيف الكاتب أن يهود إسرائيل الليبراليين وداعميهم الدوليين يعودون مرة أخرى للواجهة بعد أن أعلنت حكومة نتنياهو خططها لما يُسمى “الإصلاح القضائي”، وهي خطوة من شأنها أن تؤثر على الحريات الاستيطانية لليهود الإسرائيليين كمواطنين يتمتعون بامتيازات عرقية واستعمارية في “الدولة اليهودية”.
لم يهتموا بالمجازر ضد الفلسطينيين
وأوضح الكاتب أن الليبراليين الإسرائيليين الذين يقودون الاحتجاجات الحالية لم يهتموا بالمجازر والاعتداءات المخططة ضد الفلسطينيين التي نفذتها كل من الدولة الإسرائيلية والمستوطنين اليهود.
وبين أن هذه ليست المرة الأولى التي يحتج فيها اليهود الليبراليون الإسرائيليون -خاصة الأشكناز (اليهود القادمون من أوروبا الوسطى والشرقية مقابل اليهود السفارديم القادمون من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)- على اتخاذ إجراءات ضد ما عدّوه استيلاء سياسيا خطيرا على إسرائيل من شأنه أن يتعدى على حقوقهم. وفعلوا ذلك من قبل وبالقوة نفسها، وبالتحديد عندما تم انتخاب مناحيم بيغن رئيس وزراء إسرائيل الأسبق بولندي المولد ورئيس ائتلاف الليكود عام 1977، ومرة أخرى عام 1981، وبعد غزو بيغن للبنان عام 1982.
لا اختلاف بين اليمين واليسار بالنسبة للفلسطينيين
وأوضح أنه عند انتخاب بيغن بدأ الأكاديميون الليبراليون الأشكناز في حزب العمل إلقاء اللوم على اليهود السفارديم الشرقيين “البدائيين” في انحدار إسرائيل إلى الشعبوية اليمينية، ونظرا لأن أغلب اليهود الشرقيين صوتوا لصالح الليكود -الذي يقوده الأشكناز أيضا- في تصويت احتجاجي ضد تحالف العمل بقيادة الأشكناز، والذي حكم إسرائيل منذ عام 1948، وميّز عنصريا ضد اليهود الشرقيين، لم يكن من الممكن احتواء الليبراليين الأشكناز.
وأضاف الكاتب أن الأشكناز كانوا يكذبون بإصرار على أن الاحتلال الليبرالي -الذي شن حرب عام 1967- لم يسع إلى فرض سيطرة على الأراضي العربية في الجولان والضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة وسيناء التي احتلها، بل استخدمها بدلا من ذلك كورقة مساومة من أجل “السلام”.
وبيّن الكاتب أن سياسات حكومات الليبراليين الإسرائيليين من حزب العمل لا تختلف عن سياسات حكومة اليمين الحالية في ضم الأراضي العربية وبناء المستعمرات اليهودية الاستيطانية في الضفة وقطاع غزة.
الاستعمار اللطيف
وذكر مسعد أن من الأمثلة على استعمار حزب العمل الإسرائيلي الليبرالي “اللطيف والأكثر رقة”؛ تدمير حي المغاربة في القدس الشرقية وطرد سكانه بمجرد الانتهاء من احتلال المدينة، واستبدالهم بعصابات المستوطنين اليهود الإسرائيليين المتنازعين على المدينة المحتلة.
وأكد أن أغلب المستوطنين اليهود في جميع أنحاء الأراضي المحتلة خلال هذه الفترة كانوا من اليهود الأشكناز، مع انتقال اليهود الشرقيين إلى المستوطنات لأسباب اقتصادية في الغالب.
وأضاف أن المجازر التي لا حصر لها التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي منذ عام 1948 كانت دليلا واضحا على أنه لا اختلاف بين حكومات حزب العمل اليساري وحكومات الليكود اليمينية.
الديمقراطية العرقية المتفوقة
وأفاد الكاتب بأنه حتى شمعون بيريز (أحد زعماء حزب العمل ومهندس ومؤسس برنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي وجزار قانا بلبنان) خاطب الكنيست الإسرائيلي في ذلك الوقت منتقدا حكومة بيغن اليمينية، مشددا على أن “مصير الأمة” يعتمد على مدى قوة الدولة وعدلها، وقال إن “سلوكنا يجب أن يكون مرتبطا ليس فقط بالسلطة بل بالعدالة أيضا”.
وحسب الكاتب، فإن كلمات بيريز هذه عام 1982 ليست أكثر كذبا ونفاقا من مزاعم المحتجين الليبراليين حاليا وجوقة مؤيديهم الدولية.
وختم مسعد بأن العدالة التي ينادي بها الليبراليون الإسرائيليون هي عدالة عرقية تمييزية تخدم اليهود فقط ولا تهتم بالفلسطينيين.