يؤكد مختصون في الفقه الإسلامي والاقتصاد تحدثوا لبرنامج “موازين” أن فرض الضريبة في الإسلام هو استثناء، لأن مال المسلم لا يمكن التعدي عليه، وأن الزكاة تصلح لأن تكون بديلا عن الضريبة، ودعوا إلى تفعيل نظام الزكاة.
وتعرّف الضريبة في الإسلام بأنها اقتطاع يفرضه الإمام أو الحاكم على القادرين لمواجهة ظروف طارئة. أما في النظريات الحديثة فتؤخذ هذه الاقتطاعات من الأفراد الحقيقيين أو الاعتباريين لتغطية النفقات العامة للدولة دون أن يكون في مقابلها نفع مشروط، استنادا إلى فكرة التضامن الاجتماعي بين الدولة والرعايا.
وحول مفهوم الضريبة في الإسلام، يوضح مدير وحدة الاقتصاد الإسلامي السابق بجامعة الكويت محمد القطان أن موضوع الضريبة لم يأت من المدرسة الإسلامية، مشيرا إلى أن الضريبة تسمى في الفقه “المكوس” المحرّم شرعا، ويعني أخذ المال عنوة من شخص أو من جهة. وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم إن من أكبر الذنوب صاحب “المكس”.
ومفهوم الضريبة في الفكر الاقتصادي –وفق القطان- يعني مساهمة مالية من الشعب مع الدولة في الإنفاق العام دون اشتراط وجود خدمة، ومن الناحية الشرعية هو التزام يفرضه ولي الأمر على الأغنياء عندما لا يكون في بيت المال ما يكفي للإنفاق. والضرائب هي اقتطاع من مال، بعضه للمسلمين وبعضهم لغير المسلمين مثل الجزية.
وكما يواصل ضيف حلقة (2023/3/29) من برنامج “موازين” فقد حرّم الاقتطاع في الإسلام لأن مال المسلم محصن لا يمكن التعدي عليه دون إذن شرعي أو طيب خاطر من المعني، ولذلك حرمت “المكوس”.
ومن جهته، يؤكد الباحث بمكتب المفتي العام لسلطنة عمان، الدكتور علي الجهضمي في مداخلته أن العلماء اتفقوا على أن مال المسلم معصوم، وبالتالي “لا يمكن للحكومات أن تتخذ من الضرائب ذريعة لاستخدام جيب المواطن لأجل دفع تكاليف الفساد أو تكاليف الديون التي لا يد له فيها أو القرارات الاقتصادية الاستبدادية..”.
خلاف الفقهاء حول الضرائب
ويذكر أن الفقهاء انقسموا في موقفهم من الضريبة إلى صنفين: الأول يقول بجوازها المشروط، والثاني يرى أصحابه عدم جواز فرضها استنادا إلى أن الحق الوحيد في المال هو الزكاة وأن من أخرجها برئت ذمته.
وبشأن الخلاف الفقهي والمذهبي بين العلماء في مسألة الضرائب بشكلها المعاصر، يوضح القطان أن الإجماع يقضي بتحريم المكوس، ثم جاءت الاستثناءات مع تطور حاجات ميزانية الدولة، وقالوا إنه عند الحاجيات الحقيقية يفتى بجواز الضرائب المؤقتة ووضعوا لها شروطا منها أن لا تصرف إلاّ لما جمعت له.
ومن الناحية الشرعية، تأخذ الضرائب في المقام الأول من الأغنياء والشركات والمؤسسات سواء كانوا اعتباريين أو أفرادا، وقدم مثالا على ذلك الإمام العزّ بن عبد السلام الذي رفض فرض الضرائب على عامة الناس، مطالبا الخليفة بأن يبدأ هو في دفعها ثم حاشيته ووزراؤه. وأوضح أيضا أن العدالة في موضوع الضريبة يكون على حسب مستوى الإنسان.
ويشير مدير وحدة الاقتصاد الإسلامي السابق بجامعة الكويت إلى أنه لو فعّل نظام الزكاة فسيكون بالإمكان الاستغناء عن الكثير من الضرائب وربما جميعها، فعندما يكون هناك نظام زكوي متكامل مراقب ومنظم من قبل ولي الأمر فستكون الحاجة إلى زيادة الموارد معدومة ونادرة ومؤقتة.
وفي السياق نفسه، يؤكد أستاذ التمويل والاقتصاد في جامعة صباح الدين زعيم بإسطنبول، الدكتور أشرف دوابة، أن فرض الضريبة في الإسلام هو استثناء، والأصل في الإسلام أن هناك موارد تكفي حاجات الناس، مبرزا أن الموارد المعروفة في الإسلام هي الزكاة والخراج والجزية والعشور.
ويضيف أنها أشياء أساسية تستطيع أن توفر موارد للدولة الإسلامية في ظروفها العادية، أما في الظروف الاستثنائية مثل الحروب والمجاعات فمن حق ولي الأمر فرض ضريبة من الأغنياء وليس على كل الشعب بما يلائم حاجات المجتمع الضرورية. وفي الظروف العادية تصلح الزكاة لأن تكون بديلا كاملا عن الضريبة.
ويرى دوابة أن الدول التي لديها موارد مثل الدول النفطية فلا داعي لأن تفرض الضريبة على شعوبها، أما الدول التي ليس لديها موارد فتستطيع أن تتعامل في ذلك بصورة من العدالة.
ويعدد أستاذ التمويل والاقتصاد بجامعة صباح الدين زعيم، أنواع الضرائب المعاصرة بضريبة الدخل، والضريبة على الثروة، والضريبة المباشرة، والضريبة غير المباشرة.