رام الله ـ مجددا يسطر الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية نصرا جديدا على إجراءات وقيود السجان الإسرائيلي، إذ استجابت المخابرات الإسرائيلية وإدارة مصلحة السجون لمطالبهم قبل أن يشرعوا في إضرابهم المفتوح عن الطعام في الأول من رمضان.
ففي بيان مقتضب ومشترك، أعلنت هيئة شؤون الأسرى (حكومية) ونادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي) أمس الأربعاء أن الأسرى علقوا خطوة الإضراب “بعد وقف الإجراءات العقابية والتعسفية” بحقهم.
وفي بيان إعلان الانتصار في “معركة بركان الحرية أو الشهادة”، وزعه نادي الأسير الفلسطيني، قالت لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الأسيرة إن الأسرى سطروا “صفحةً جديدة من صفحات العز والفخار” و”تمكنت الحركة الأسيرة من تسجيل انتصارٍ جديد في صفحات العز والصمود”.
واكتفت اللجنة بالقول إن الأسرى أجبروا “العدو الصهيوني أن يوقف إجراءاته بحقنا، والتي سعى لفرضها علينا”، دون إعطاء مزيد من التفاصيل عن بنود الاتفاق وضمانات تنفيذه.
وفي 14 فبراير/شباط الماضي، شرع الأسرى في عصيان ضد إجراءات وتعليمات إدارة السجون الإسرائيلية، تمهيدا للإضراب المفتوح عن الطعام بهدف ثني سلطات السجون عن إجراءات تستهدف حياتهم وظروف اعتقالهم.
ورحب رئيس هيئة شؤون الأسرى قدري أبو بكر، في حديثه للجزيرة نت، بتعليق الأسرى لإضرابهم، وقال إنه جاء “بعد مفاوضات طويلة وشاقة مع إدارة السجون آخرها كان جلسة مفاوضات استمرت أكثر من 3 ساعات، شاركت فيها إدارة السجون ووزارة الأمن القومي والاستخبارات”.
وأشار أبو بكر إلى “ضمانات، خلافا للوعود السابقة”، مبينا أن ضمانة تنفيذ الإنجاز ليست وعود الاحتلال “إنما في صلابة ووحدة الحركة الأسيرة”.
وتوقع أبو بكر الإعلان قريبا عن تفاصيل الاتفاق، لكنه ذكر من مطالب الأسرى وقف السياسات التي فرضها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير منذ توليه منصبه نهاية 2022 ومنها “التنقلات الإجبارية، تخفيض حصة الشراء من الكانتينا (متجر السجن)، ومصادرة مقتنياتهم وخاصة ما يتعلق باحتياجات إعداد الطعام وتقييد زيارات الأهل وغيرها”.
استجابة تحت الضغط
من جهته، يلفت الناطق باسم نادي الأسير الفلسطيني أمجد النجار إلى أن الأسرى تجنبوا في معركتهم الدخول في التفاصيل، وكان عصيانهم وإضرابهم تحت عنوان “إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل إجراءات بن غفير والتي بدأ تنفيذها مطلع العام الجاري”.
وفي حديثه للجزيرة نت، ذكر النجار أن أبرز الإجراءات المتخذة بعد تولي بن غفير وهي: تحديد مدة الاستحمام لكل أسير ووضع الحمامات خارج غرف الأسرى، تقديم خبز قديم ورديء لهم، عزل الأسرى انفراديا لأبسط الأسباب، معاقبة بعض الأسرى بالحرمان من زيارة الأهل، معاقبة بعض الأسرى بعدم الشراء من الكانتينا لعدة شهور”.
استجاب مرغما
وأضاف النجار أن هذه العقوبات وغيرها تعد صغيرة بالنسبة لأي إنسان خارج السجن، لكنها مهمة جدا بالنسبة للأسرى، لافتا إلى عدم توفر معلومات دقيقة عن تفاصيل الاتفاق بخصوص مشاريع قوانين في الكنيست تتعلق بتنفيذ حكم الإعدام بالمدانين في عمليات القتل أو منع العلاج أو مصادرة الممتلكات والهوية وغير ذلك.
ورغم إعلان بن غفير في تغريدة أن تعليق إجراءاته مؤقت، يقول النجار إن بن غفير “استجاب للأسرى مرغما وتحت الضغط”، موضحا أن تعليق الإضراب “مصلحة إسرائيلية، لأنه لو استمر ودخل آلاف الأسرى فيه، فإن الضفة ستنفجر في شهر رمضان المبارك وستزداد نقاط الاشتعال ويزيد عبء المؤسسة الأمنية الإسرائيلية”.
وأضاف أن الاحتلال لا يرغب في مشاهدة انتقال الحالة الأمنية في نابلس وجنين إلى باقي أنحاء الضفة، لأن الأسرى يشكلون وقود الاشتعال لأي مواجهة، وخلص إلى أن الاستجابة لمطالب الأسرى تشكل “انتصارا لإرادتهم أمام وحدات القمع المخصصة للسجون وحكومة نتنياهو ووزرائه المتطرفين”.
إضرابات سابقة
لم يكن انتصار الأربعاء، الأول في تاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة، وإنما سبقه 26 إضرابا جماعيا ناجحا منذ عام 1967، وفق بيان مشترك لهيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني، الأربعاء، حصلت الجزيرة نت على نسخة منه.
وتركزت أهداف الإضرابات على تحسين بيئة الاعتقال والاعتراف بحقوق بسيطة للأسرى بينها السماح بالزيارات، وإدخال الراديو والتلفاز، وإدخال المواد الغذائية والملابس وأواني الطبخ.
وفضلا عن الإضرابات الجامعية خاض مئات الأسرى إضرابات فردية منذ 2008، أخرهم الأسير خضر عدنان الذي خاض عدة إضرابات، ويستمر في إضرابه الأخير منذ اعتقاله في 5 فبراير/شباط الماضي.
ووفق آخر إحصائية وردت في بيان مشترك للمؤسسات المختصة بشؤون الأسرى نهاية فبراير/شباط الماضي، يبلغ عدد الأسرى في السجون الإسرائيلية نحو 4800 أسير، بينهم 170 طفلا، و29 أسيرة.
وفيما يلي أبرز الإضرابات كما جاء في بيان مشترك لهيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني:
- إضراب سجن الرملة عام 1969 واستمر 11 يوما.
- إضراب سجن عسقلان عام 1970، وكان الأسير عبد القادر أبو الفحم، أول شهداء الإضراب عن الطعام في السجون.
- إضراب عسقلان عام 1976، واستمر 45 يومًا، ثم استأنف الأسرى الإضراب مجددًا مطلع 1977 واستمر 20 يوما.
- إضراب سجن نفحة عام 1980 وفيه استُشهد الأسرى راسم حلاوة، وعلي الجعفري، وأنيس دولة، وإسحاق مراغة.
- إضراب سجن جنيد عام 1985 استمر 13 يوما.
- إضراب سجن جنيد عام 1987 وشارك فيه 3 آلاف أسير، واستمر 20 يومًا.
- إضراب سجن نفحة عام 1991 واستمر 17 يومًا.
- إضراب “أم المعارك” عام 1992 وشارك فيه نحو 7 آلاف أسير، واستمر 19 يومًا؛ واستُشهد خلاله الأسير حسين عبيدات.
- نفّذ الأسرى عام 2000 إضرابًا استمر شهرا.
- نفّذ الأسرى إضرابا عام 2004 استمر 19 يوما.
- نفّذ الأسرى عام 2011 إضرابا استمر 22 يوما.
- نفّذ الأسرى عام 2012 إضرابا استمر 28 يوما.
- نفّذ المعتقلون الإداريون إضرابين عن الطعام عام 2014 أحدهما استمر 62 يوما.
- نفّذ الأسرى “إضراب الكرامة” عام 2017 واستمر 42 يوما.
وفيما يلي أبرز الإضرابات الفردية منذ 2012:
- خضر عدنان يخوض إضرابا استمر 66 يوما ضد الاعتقال الإداري، وانتهى بتحقيق مطلبه بالإفراج عنه.
- الأسيرة هناء الشلبي تخوض إضرابا استمر 42 يوما، وعلقته مقابل الإفراج عنها إلى قطاع غزة.
- الأسير ثائر حلاحلة يضرب 76 يوما.
- الأسير أيمن الشراونة يضرب 261 يومًا وانتهى إضرابه بإبعاده إلى غزة.
- وفي 2013 الأسير عادل حريبات يضرب 129 يوما.
- الأسير أيمن اطبيش يضرب 104 أيام.
- وفي 2015 الصحفي محمد القيق خاض إضرابًا ضد اعتقاله الإداري استمر 94 يومًا.
- الأسير خضر عدنان يضرب مجددا ضد اعتقاله الإداري لمدة 56 يوما انتهى بالإفراج عنه.
- وفي 2020 خاض الأسير ماهر الأخرس إضرابًا استمر 103 أيام.
- وفي 2021 خاض الغضنفر أبو عطوان إضرابا استمر 65 يوما، رفضا لاعتقاله الإداري.
- الأسير كايد الفسفوس خاض إضرابا استمر 131 يوما.
- وفي 2022 خاض هشام أبو هواش إضرابا مفتوحا عن الطعام استمر 141 يوما رفضا لاعتقاله الإداري.
- وفي 2023 يضرب الأسير خضر عدنان عن الطعام مجددا فور اعتقاله يوم 5 فبراير/شباط، وحتى الآن.