دفعت احتجاجات الشارع الإسرائيلي التي بلغت ذروتها مع إعلان إضراب عام، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى تعليق الإصلاحات القضائية التي تثير جدلا منذ أكثر من 3 أشهر.
وبدأت الثلاثاء مفاوضات بين ممثلي الائتلاف الحكومي اليميني والمعارضة برعاية الرئيس إسحق هرتسوغ، في وقت يشكك فيه الخبراء في إمكانية إحراز تقدم وإيجاد حلّ يقبله الطرفان.
وفيما يأتي بعض القضايا الرئيسية التي برزت خلال هذه الأزمة:
حرس وطني أم مليشيا؟
رفض وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير وقف الإصلاح القضائي، وهدد بعد إعلان الإضراب العام بالانسحاب من الائتلاف الحكومي.
لكن خلال ساعات عدل بن غفير عن رأيه مقابل التزام نتنياهو بدفع الحكومة إلى التصديق على تشكيل حرس وطني يعمل تحت إشراف وزارته.
وظهرت فكرة الحرس الوطني إثر أعمال عنف شهدتها المدن الإسرائيلية خلال تصعيد مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة عام 2021.
وكان رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، ووزير الأمن الداخلي السابق عومِر بارليف، أعلنا في يونيو/حزيران 2022 عن انطلاق “الحرس الإسرائيلي” المعروف أيضا باسم “الحرس الوطني” وبحيث يعمل كجزء من قوة “حرس الحدود” وذراع للشرطة الإسرائيلية.
وأثارت فكرة سيطرة بن غفير على قوة مسلحة قلقا، إذ اتهمه زعيم المعارضة يائير لبيد بالسعي إلى “تحويل مليشيا البلطجية التابعة له إلى حرس وطني يجلب الإرهاب والعنف في كل مكان”، وكان وزير الأمن القومي اتُّهم من قبل بدعم جماعة إرهابية.
أما الشرطة الإسرائيلية فيبدو أنها غير راضية عن الفكرة، وأصدر المفوض العام للشرطة بيانا مشتركا مع مكتب بن غفير قال فيه إن المفوض التقى بوزير الأمن، وإنه “وافق على أن تقدم الشرطة اقتراحها (حول رؤيتها لفكرة الحرس الوطني) لبن غفير بتشكيل الحرس الوطني”.
صياغة دستور
في تصريحات الاثنين حول آماله في إجراء محادثات مع الحكومة، ألمح زعيم المعارضة يائير لبيد إلى الحاجة إلى صياغة دستور.
وليس لإسرائيل دستور، بل سلسلة من قوانين أساسية تعالج بعض القضايا الرئيسية التي تواجهها.
لكن أستاذة العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس غايل تلشر، ترى أن صياغة دستور مع أعضاء الحكومة الحالية سيكون “كارثة”، مشيرة إلى أن “إعلان الاستقلال” عام 1948 تحدث عن دولة يهودية وديمقراطية، في حين أن القوة الرئيسية في التحالف الحاكم تسعى لدولة يهودية غير ديمقراطية.
فرصة لتسوية؟
بدأت المباحثات بين الأطراف في مقر إقامة الرئيس مساء أمس الثلاثاء، ويشكك خبراء في أن تقود إلى تغيير حقيقي.
ويتوقع رئيس معهد إسرائيل للديمقراطية يوهانان بليسنر أن يقرر نتنياهو أن العملية التشريعية لا تستحق المتابعة.
أما تلشر فترى أن المحادثات “محكوم عليها بالفشل”، وقالت إن رئيس الوزراء يريد السيطرة على المحكمة العليا ورئيس المحكمة، وأضافت أن من غير الوارد أن يقبل الائتلاف الموالي جدا لنتنياهو بأي حل آخر، مشيرة إلى أن هرتسوغ قد طرح بالفعل تسوية صاغها أكاديميون لكن نتنياهو رفضها.
أخطار أمنية
في حديثه للصحفيين، حذر رئيس جهاز الاستخبارات (الموساد) السابق داني ياتوم من أن الاضطرابات المدنية التي أشعلتها الإصلاحات القضائية “تضر بأمن إسرائيل”، وتحدث عن تهديدات من جهات عدة، بما في ذلك المسلحون الفلسطينيون وحزب الله في لبنان.
وتعتقد أستاذة العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس غايل تلشر أن المخاطر الأمنية المتزايدة يمكن أن تنقذ نتنياهو.
وقالت إن نتنياهو قد يضطر في حالة التصعيد الأمني إلى تشكيل نوع من حكومة الطوارئ مع وزير الدفاع السابق بيني غانتس، وإقالة المزيد ممن وصفتهم بالوزراء المتطرفين، مشيرة إلى أن أي حكومة مع غانتس ستبقي الإصلاح القضائي في مأزق وتضمن عدم تفعيله.
أزمة دستورية
فشل المحادثات المتعلقة بالإصلاح القضائي ومضي تحالف نتنياهو قدما في التصويت على التشريعات بشكل أحادي، خطوات ستدفع إلى الطعن في القوانين وتقديم التماسات إلى المحكمة العليا.
وإذا ألغت المحكمة القوانين فإن إسرائيل ستجد نفسها في وضع غير مسبوق، لأن الإصلاحات القضائية تمنح البرلمان سلطة تجاوز مثل هذه الخطوة من قبل القضاة.
وتقول تلشر إنه يمكن أن يؤدي تمرير قانون الإصلاح القضائي، ثم صدور حكم من المحكمة العليا بعدم دستوريته، إلى أزمة دستورية.