الخرطوم- حصلت الجزيرة نت على المسودة الأولية للاتفاق السياسي النهائي بين العسكر والقوى المدنية في السودان والمنتظر توقيعه مطلع أبريل/نيسان المقبل، بما يمهد لتشكيل حكومة مدنية في الحادي عشر من الشهر ذاته ويسبق ذلك التوقيع على الدستور الانتقالي يوم السادس منه.
جاءت مسودة الاتفاق الأولية التي سلمتها لجنة الصياغة المؤلفة من 11 عضوا مساء أمس الأحد لقائدي الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” وبقية الأطراف في 38 ورقة لإبداء الملاحظات عليها قبل توقيع وثيقة الاتفاق النهائي.
وتضمنت وثيقة الاتفاق مبادئ عامة وقضايا وهموم الانتقال بجانب هياكل السلطة الانتقالية، حيث توسعت الأطراف في تفصيل القضايا محل الخلاف والتي كان جرى ترحيلها من الاتفاق الإطاري الذي وقع في الخامس من ديسمبر/كانون الأول 2022.
النص الكامل للمسودة: مسودة الاتفاق النهائي بين العسكر والمدنيين بالسودان
وتصدرت قضية الإصلاح الأمني والعسكري الاتفاق السياسي فيما لا يزال قادة عسكريون ومدنيون يناقشون هذه المسألة في ورشة مغلقة ينتظر أن تنتهي الأربعاء المقبل.
ومع ذلك تناولت المسودة ضرورة إنجاز الإصلاح الأمني بما يقود لجيش مهني موحد يحمي حدود الوطن والحكم الديمقراطي المدني وينأى بالجيش عن السياسة كما يحظر مزاولة القوات النظامية للأعمال التجارية والاستثمارية عدا المتعلقة بالتصنيع الحربي والمهمات العسكرية على أن يكون ذلك خاضعا لولاية وزارة المالية.
وتحدث الاتفاق في البند الخاص بمهام الانتقال وقضاياه عن إطلاق عملية شاملة لتحقيق العدالة والعدالة الانتقالية تكشف الجرائم وتحاسب مرتكبيها وتنصف الضحايا وتضمن عدم الإفلات من العقاب وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية.
كما أشارت المسودة إلى ضرورة إيقاف التدهور الاقتصادي ومواصلة عملية الإصلاح، وفق نهج تنموي يعالج الأزمة المعيشية، وينحاز للفقراء ويحقق ولاية وزارة المالية على المال العام ويحارب الفساد.
وتناولت المسودة الاتفاق على تفكيك نظام “الثلاثين من يونيو 1989” وتفكيك مفاصله واسترداد الأموال المتحصل عليها بطرق غير مشروعة، مع مراجعة القرارات التي ألغيت بموجبها قرارات لجنة تفكيك التمكين التي جمدها قائد الجيش في سياق إجراءات 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
هياكل السلطة
ونص الاتفاق السياسي على 5 مستويات للحكم تشمل المجلس التشريعي الانتقالي، المستوى السيادي، مجلس الوزراء، الأقاليم أو الولايات، المستوى المحلي.
ووفقا للاتفاق فإن المجلس التشريعي لا يجوز حله باعتباره سلطة تشريعية مستقلة تتألف من 150 إلى 300 عضو يراعى فيه التمثيل الواسع للسودانيين ويستثنى منه أعضاء حزب المؤتمر الوطني المحلول وكل واجهاته.
ومنح الاتفاق نسبة 25% من مقاعد المجلس التشريعي للأطراف الموقعة على اتفاق السلام، و75% من المقاعد تسميها الأطراف السياسية الموقعة على الاتفاق النهائي ولجان المقاومة.
وحدد الاتفاق مهام المجلس التشريعي بتفصيل موسع على رأسها مراقبة أداء الحكومة والحق في سحب الثقة من مجلس الوزراء ورئيسه أو أي من أعضائه، بجانب سن القوانين والتشريعات المتعلقة بمهام الفترة الانتقالية والحريات والتحول الديمقراطي.
وتحدثت مسودة الاتفاق عن مجلس السيادة، لكنها لم تشر إلى طبيعة تكوينه بل قالت إنه يمثل رأس الدولة ويمثل القائد الأعلى للقوات النظامية ويتولى مهام واختصاصات تعيين مجلس الوزراء والولاة والمجلس التشريعي بعد أن تختارهم القوى الموقعة على الاتفاق السياسي.
كما يعتمد ضمن مهام أخرى تعيين القائد العام للجيش وقائد الدعم السريع بعد اختيارهم من مؤسساتهم، ولمجلس السيادة سلطة اعتماد إعلان الطوارئ بطلب من مجلس الوزراء وكذلك سلطة إعلان الحرب بناء على قرار من مجلس الوزراء وموافقة المجلس التشريعي.
ونص الاتفاق فيما يخص تكوين مجلس الوزراء على ألا تتجاوز الحقائب التنفيذية 26 وزارة تتولاها كفاءات وطنية، ملتزمة بالاتفاق السياسي، على أن يتشاور رئيس الوزراء مع كل القوى الموقعة على الاتفاق ويعلن حكومته خلال 30 يوما من تعيينه.
واشترط الاتفاق لعضوية مجلس الوزراء أن يكون من ذوي القدرات والكفاءة والتأهيل وألا يقل عن 25 عاما، ولم يتحدث عن منع المنتمين حزبيا من تقلد المنصب.
الجيش والدعم السريع
أفرد الاتفاق السياسي حيزا موسعا للقوات النظامية ومهامها خلال الفترة الانتقالية، ونص على تكوين مجلس للأمن والدفاع يرأسه رئيس الوزراء -مدني- ويضم في عضويته قائدي الجيش والدعم السريع ووزراء الدفاع، المالية، الداخلية، العدل، الخارجية، ممثلين لحركات الكفاح المسلح، مدير المخابرات، مدير الشرطة، وزير الحكم الاتحادي.
ويختص المجلس بتطوير إستراتيجية أمنية شاملة لحماية أمن الشعب السوداني والإشراف على خطط دمج وتوحيد القوات العسكرية والحركات الموقعة على اتفاق السلام لخلق جيش مهني واحد، وفقا لجداول زمنية محددة.
وتحدثت المسودة عن قوات الدعم السريع بوصفها قوات عسكرية تتبع للجيش ويحدد القانون أهدافها ومهامها ويكون رأس الدولة -مدني- قائدا أعلى للدعم السريع، على أن تدمج هذه القوات في القوات المسلحة وفق خطة الإصلاح الأمني والعسكري، وفق جداول محددة.
بروتوكولات ملحقة
وتضمن الاتفاق السياسي 5 بروتوكولات اعتبرها جزءا أصيلا من الاتفاق وتشمل 5 قضايا جرى تفصيلها في الاتفاق بشكل موسع وهي العدالة الانتقالية، وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو، واتفاق السلام، وقضية شرق السودان، والإصلاح الأمني والعسكري.
وحاز اتفاق السلام مع الفصائل المسلحة الموقع في جوبا على القسم الأكبر من التفصيل في الاتفاق بالتأكيد على ضرورة الالتزام بمصفوفة التنفيذ لبنود الاتفاق وجرى اعتباره جزءا من الترتيبات الدستورية وأن يضمن في الدستور الانتقالي الذي يسمو على ما دونه من اتفاقيات وتشريعات.
كما تناول الاتفاق السياسي ضرورة استكمال عملية السلام بالتواصل مع الحركات الرافضة بينها الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو ليكون إعلان المبادئ الموقع مع الحركة في وقت سابق أساسا لأي مفاوضات مقبلة.
وأعطى الاتفاق مساحة موسعة لقضايا النازحين والمرأة والرحل والمزارعين، كما لم يغفل قضايا المهجرين والمتضررين من إنشاء السدود وجميع القضايا التي تطرق إليها اتفاق السلام.