مع بروز مؤشرات على إمكانية توجيه اتهام رسمي للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب واعتقاله وتقديمه للمحاكمة بتهمة دفع رشوة تعود إلى عام 2016، تشدد السلطات إجراءات الأمن تحسبا لرد فعل عنيف من أنصار المرشح الجمهوري المحتمل لانتخابات الرئاسة المقبلة.
وأعلن ترامب السبت الماضي عبر منصته “تروث سوشيال” (Truth Social) أنه يتوقع توقيفه الثلاثاء، ودعا أنصاره للاحتجاج، معيدا للأذهان مشاهد الفوضى التي انتهت باقتحام الكونغرس في السادس من يناير/كانون الثاني 2021 بعد دعوته أنصاره للاحتجاج على ما يصفها بسرقة نتيجة الانتخابات الرئاسية منه.
وخوفا من تكرار سيناريو اقتحام الكابيتول، تم تشديد الأمن في نيويورك، ولا سيما حول محكمة مانهاتن، وكذلك في العاصمة واشنطن، وسط توقعات بأن يوجه “ألفين براغ” المدعي العام لنيويورك الأسبوع المقبل اتهامات رسمية لترامب بأنه دفع 130 ألف دولار بشكل غير قانوني لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانييلز أثناء الانتخابات الرئاسية عام 2016 من أجل شراء صمتها عن علاقة يعتقد أنها كانت قائمة بينهما خارج إطار الزواج، وهو ادعاء ينفيه الرئيس السابق.
ولم تتحقق توقعات ترامب بتوقيفه الثلاثاء الماضي بالنظر إلى تأجيل بعض الإجراءات القانونية في هذه القضية، ولكن إمكانية اعتقاله وتقديمه للمحاكمة لا تزال متوقعة خلال الأسبوع المقبل.
وفي حال اعتُقل أو حتى وُجهت إليه اتهامات، فستكون سابقة، حيث إنه لم يتم مطلقا توجيه اتهام لرئيس أميركي سواء كان في منصبه أو بعد مغادرة منصبه.
وفي حين تثير هذه القضية جدلا سياسيا حادا في واشنطن مع تواتر انتقادات الجمهوريين للإجراءات القانونية في هذه القضية، تراقب السلطات الأميركية عن قرب تحركات أنصار الرئيس السابق لرصد أي مؤشرات على تحرك عنيف في حال قرر المدعي العام لنيويورك توجيه اتهامات جنائية لترامب.
حرب أهلية وعصيان
وقد نقلت شبكة “سي بي إس” (CBS) الأميركية عن مصادر استخباراتية أن التهديدات وخطابات العنف على الإنترنت شهدت ارتفاعا كبيرا بعد إعلان الرئيس السابق دونالد ترامب أنه يتوقع توجيه اتهام ضده بحلول الثلاثاء.
وقالت المصادر إن منشورات لمتطرفين دعت إلى حرب أهلية وحذرت المدعي العام “ألفين براغ” -وهو ديمقراطي من أصل أفريقي- من توجيه اتهامات لترامب، لأن ذلك سيواجه بعنف يفوق هجوم السادس من يناير/كانون الثاني 2021 على الكونغرس.
وبالإضافة إلى ذلك، دعت بعض المجموعات اليمينية المؤيدة لترامب على غرار مجموعة “ذي دونالد” (The Donald) إلى تنظيم “إضراب وطني”.
وفي الوقت نفسه، ترددت عبر مواقع التواصل التي يستخدمها أنصار اليمين دعوات لسحب الودائع من المصارف تعبيرا عن الاحتجاج على المحاكمة المحتملة.
ووفقا لـ”مبادرة جورج واشنطن” المعنية بمكافحة التضليل، فقد تزايدت عبر مواقع التواصل دعوات أنصار ترامب لسحب الودائع باعتبار ذلك شكلا من أشكال العصيان غير العنيف.
وتشير المبادرة إلى أن أنصار الرئيس السابق يسعون بذلك للتسبب في أكبر ضرر ممكن، وتوضح أن هذه الدعوات تأتي بعد انهيار بنك “سيليكون فالي” وما أثاره من مخاوف على سلامة النظام المالي الأميركي.
بدورها، نقلت وكالة “أسوشيتد برس” (Associated Press) عن 4 مسؤولين أنه تم رصد منشورات ومراسلات تدعو إلى مظاهرات مسلحة لمنع التوقيف المحتمل للرئيس الأميركي السابق من قبل سلطات إنفاذ القانون.
ورغم رصد مواقف متطرفة تذهب إلى حد الدعوة لحرب أهلية، إلا أن بعض الناشطين اليمينيين يرون أن اعتقال ترامب ربما يكون فخا من السلطات لجر أنصاره للعنف مما يؤدي لإضعاف فرصه في العودة للسلطة خلال انتخابات 2024.
كما قال محللون أمنيون إنهم لاحظوا أن حدة لهجة أنصار ترامب عبر منصات التواصل اليمينية قد خفّت بعد أيام من دعوة ترامب لهم للتظاهر.
مظاهرات وإجراءات أمنية
وتحسبا لأي احتجاج عنيف من جانب أنصار ترامب، أقيمت حواجز حول محكمة منهاتن وبرج ترامب.
ويأتي ذلك بينما بدأت تجمعات أمام محكمة مانهاتن وبرج ترامب وأمام مقر إقامة الرئيس السابق في مارالاغو بولاية فلوريدا.
وقالت شرطة نيويورك إنه لا توجد حتى الآن تهديدات جدية، في حين قال عمدة المدينة إريك أدامز إن الشرطة تراقب منصات التواصل الاجتماعي وأي أعمال خارجة عن القانون.
وبالتزامن، قالت شرطة نيويورك إنها ستنشر المزيد من عناصرها بالزي الرسمي في الأحياء الخمسة الرئيسية بالمدينة.
وفي واشنطن، كان هناك توجه لإعلان حالة الطوارئ الثلاثاء الماضي تحسبا لردود غاضبة في حال صدرت لائحة اتهام ضد ترامب، وهو ما لم يحصل.
ووفقا لوكالة أسوشيتد برس، فإن هناك مؤشرات قليلة على أن دعوة ترامب للتظاهر إذا اعتُقل يمكن أن تدفع أنصاره لتنظيم احتجاج كبير مماثل للذي حدث في السادس من يناير/كانون الثاني 2021.
وفي السياق، كتب آلي أكسندر، أحد أبرز منظمي مظاهرات “أوقفوا السرقة” خلال الانتخابات الرئاسية الماضية، أنه لن يشارك في تحركات جديدة، محذرا أنصار الرئيس السابق من أنهم سيتعرضون للسجن وربما “لأسوأ من ذلك” في حال تظاهروا في نيويورك التي يهمين عليها الديمقراطيون.
ورغم ذلك، فإن تصريحات القادة الجمهوريين المنددة بوجود دوافع سياسية في هذه القضية، وهجوم ترامب نفسه على مدعي عام نيويورك ووصفه بالفاسد؛ أمور من شأنها أن تؤجج غضب أنصار اليمين وتدفع بهم للشارع في حال وُجهت الاتهامات رسميا للرئيس السابق.
وتُعد قضية الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز -واسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد- معقدة من الناحية القانونية؛ إذ يسعى القضاء في نيويورك إلى تحديد ما إذا كان ترامب مذنبا في تزوير بيانات -وهو ما يعد جنحة- أو بسبب خرق قوانين تمويل الحملات الانتخابية، وهو ما يشكل جريمة جنائية.
المصدر : الجزيرة + الصحافة الأميركية + مواقع إلكترونية