السياسة الأوروبية جعلت من المتوسط أكبر مقبرة بالعالم للفارين من بلدانهم بحثا عن عيش أفضل | سياسة

أكد كل من لورنزو ألونّي وديديي فاسان -وهما متخصصان في علم الأنثروبولوجيا (علم الإناسة)- أن البحر المتوسط أصبح أكبر مقبرة في العالم لـ”المنفيين” الذين يفرون من بلدانهم نحو أوروبا بحثا عن ظروف عيش أفضل، ووجها انتقادات لاذعة لسياسة الدول الأوروبية اتجاه ملف الهجرة غير النظامية.

وأوضحا في مقال نشرته صحيفة “لوموند” (Le Monde) الفرنسية أن المنظمة الدولية للهجرة نفسها أكدت أن عدد ضحايا الهجرة غير النظامية منذ 2014 بلغ نحو 48 ألفا، نصفهم لقوا حتفهم في المتوسط.

“سياسة إجرامية”

وانتقد الباحثان بشدة السياسة الأوروبية إزاء المهاجرين في البحر المتوسط، ووصفاها بـ”السياسة الإجرامية”، موضحين أن تنفيذها متواصل في ظل التجاهل التام.

وقالا إن عدم التعامل بتقدير مع حياة المهاجرين يساهم بشكل مباشر في التهوين من شأن غرق القوارب التي كانت تنقلهم نحو أوروبا.

وأعلنا أن التحقيقات كشفت أن تشديد أوروبا المراقبة الأمنية على حدودها لم يساهم سوى في رفع عدد الضحايا، إلى جانب رفع هامش ربح شبكات التهجير التي رفعت رسوم “خدماتها”.

وذكّر لورنزو وفاسان بحادثة غرق قارب مهاجرين قبالة سواحل كالابريا الإيطالية نهاية الشهر الماضي، والتي خلّفت مقتل 72 شخصا على الأقل، وفي تصريح وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوزي -الذي علق فيه على الحادثة الأليمة- قال إن “اليأس لا يمكن أن يبرر أبدا المخاطرة بحياة الأطفال”، وخاطب المهاجرين بالقول “توقفوا وابقوا في أماكنكم، ونحن سنأتي لنبحث عنكم”.

رفض

وسخر الكاتبان من تصريح رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني التي أكدت فيها التزام الحكومة بمنع مغادرة المهاجرين إلى البحر، وتحدثت عن ضرورة وجود تعاون أكبر بين دول المنشأ ودول المغادرة لمنع حدوث هذه المآسي الإنسانية.

كما انتقد الكاتبان اكتفاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالحديث عن ضرورة توفير الدعم اللازم للمنظمة الأوروبية لمراقبة الحدود “فرونتيكس” خلال تعليقه على غرق 27 مهاجرا في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021. علما أن طائرة المنظمة كانت قد شاهدت وجود مهاجرين على القارب، لكنها لم تبلغ عن استغاثتهم النجدة، وفق مقال لوموند. كما أن القوة البحرية التي توجهت نحوهم سرعان ما عادت أدراجها بحجة سوء الأحوال الجوية، وهي بالأساس ذات مهام جمركية، عكس قوة حرس السواحل التي كان يفترض أن تتوجه لإنقاذ المهاجرين.