القرآنيون.. من هم؟ ولماذا ينكرون السنة النبوية؟ | سياسة

تيار فكري يرى أصحابه الاكتفاء بالقرآن الكريم وحده لتبيان أحكام الشريعة وقضايا الدين، ويرفضون السنة النبوية ويرون أنها ليست وحيا بل اجتهادا بشريا من النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). فمن هم القرآنيون؟ ولماذا يرفضون السنة؟

سلطت حلقة (2023/3/15) من برنامج “موازين” الضوء على ما يعرف بتيار القرآنيين، متناولة أفكارهم ودوافعهم لإنكار السنة النبوية، وأهدافهم السياسية، فضلا عن أماكن انتشارهم.

ويعرّف العميد السابق لكلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر محمد سالم أبو عاصي القرآنيين بأنهم جماعة أو أفراد يكتفون بالرجوع إلى القرآن الكريم فقط، وينكرون السنة النبوية كلية، وهو تيار له جذور وتاريخ منذ العهد النبوي. وقد تنبأ الرسول (صلى الله عليه وسلم) بأن هناك بعض الناس سينكرون السنة النبوية، إذ قال (صلى الله عليه وسلم): “يوشك الرجل متكئا على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله عز وجل ما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه”.

ويوصف أبو عاصي القرآنيين بأنهم تيار هامشي وفردي ولم يكن مذهبا أو مدرسة عامة، ويتركز خصوصا في الهند وأوروبا، ولا يوجد منهم تيار عام على مستوى الوطن العربي، مضيفا أن بعض الحداثيين أو العلمانيين يتبنون هذا التيار.

وتابع أن القرآنيين يتمسكون ظاهرا بالقرآن، في حين يتمسكون باطنا بإنكار القرآن، وأن هدفهم هو القضاء على الشريعة الإسلامية، لأن من ينكر السنة ينكر البيان، وهناك آيات كثيرة في القرآن الكريم لم تُحدد الدلالة فيها، وإنما حددت السنة النبوية هذه الدلالة، ففي قوله عز وجل {وأحل الله البيع وحرّم الربا}، فإن الرسول (صلى الله عليه وسلم) هو الذي بيّن البيوع المحللة وتلك المحرمة، وهو الذي بيّن الربا وأصناف الربا في الحديث.

ويرى العميد السابق لكلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر أن “من ينكر السنة هو منكر للقرآن الكريم ومنكر للوحي الإلهي كله”.

وعن تأخر تدوين الحديث الذي يرى البعض أنه السبب الوجيه للتشكيك في الأحاديث، يتحدث الباحث في أصول الفقه الإسلامي، عبد الله القيسي -في مداخلته ضمن برنامج “موازين”- عن أسباب معرفية حقيقية وأخرى سياسية طارئة، مشيرا إلى أسئلة كثيرة تُطرح في مسألة حفظ الأحاديث، ومنها سبب عدم تدوين كل ما صدر عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولماذا لم تدون الأحاديث بنفس درجة تدوين القرآن الكريم.

في حين يرجع أستاذ علوم الحديث المشارك في “جامعة 29 مايو” بتركيا أحمد صنوبر أسباب تأخر تدوين الحديث إلى أن الرواية في مرحلة القرن الهجري الأول كانت شفوية، لأن الأدوات الكتابية كانت قليلة، لكنه يوضح أن الأوروبيين عندما توجهوا لكتابة التاريخ قالوا إن التوثيق يكون بالكتابة. وهذه الأفكار الاستشراقية قللت من قيمة الرواية الشفوية، رغم أنه كانت هناك عوامل ساعدت على حفظ الأحاديث، وأبرزها قوة الحفظ لدى الصحابة (رضي الله عنهم) ولدى الناس عموما.

وعندما دخلت الكتابة إلى بلاد المسلمين وانتشرت، كان بعض العلماء يرى أن الحفظ أولى من الكتابة، وهو ما يسري على الروايات والحكايات التي تنقل عن الأجداد، حسب ما يشير إليه صنوبر.

التوظيف السياسي

وحول التوظيف السياسي للقرآنيين، يؤكد رئيس قسم القرآن والسنة النبوية في جامعة قطر عبد الجبار سعيد -في مداخلته- أن هذا الفريق يرعاه خصوم الأمة وأعداؤها بدليل كثرة المؤتمرات التي عقدت في الغرب تحديدا، بالإضافة إلى أن بعض أعلام هذا التيار مقيمون في أوروبا وأميركا، ويتلقون التعليمات من خصوم الأمة، وغايتهم هدم الإسلام في نفوس أبناء الأمة وإخراج الدين من مكوناتها، لتبقى في ذيل التبعية للاستعمار. والمؤامرة في غاية الوضوح في هذه المسألة، حسب قوله.

ويتفق صنوبر مع ما ذهب إليه سعيد بشأن التوظيف السياسي للقرآنيين، ويضيف أن دوافعهم لإنكار السنة ترتبط بقضية فكرية لديهم مفادها أن كثيرا من الأحاديث النبوية هي من أسباب تخلف المسلمين، مؤكدا أنه في القرن الرابع والخامس الهجريين كانت قرطبة من أعظم بلاد المسلمين التي تنشر الفكر في كل أوروبا، وكان يُدرس فيها كتب الإمامين البخاري ومسلم.

وينكر على القرآنيين تركيزهم على فكرة أن اعتماد الأحاديث والتراث سبب تخلف المسلمين، في حين يتغاضون عن الأسباب الحقيقية لهذا التخلف، ومنها أسباب سياسية واقتصادية والاستعمار الذي دمر المؤسسات العلمية والتعليمية التي ظلت ألف سنة راسخة في نفوس المسلمين.