ترى العديد من الأوساط السياسية في أميركا أن التوتر الحالي بين تل أبيب وواشنطن قد يتطور إلى أزمة حقيقية تؤثر على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، فهل يرتبط مستقبل التحالف الأميركي الإسرائيلي بتصنيف واشنطن لتل أبيب بأنها دولة ديمقراطية؟
وأرغمت الاحتجاجات الداخلية والضغوط الأميركية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تجميد الإصلاحات القضائية؛ ولو مؤقتا، كما قال نتنياهو، الذي كان وجّه انتقادات لاذعة للمحتجين الإسرائيليين بشأن مواقفهم إزاء إصلاحات حكومته القضائية، وذلك عقب قرار تجميدها خلال خطابه في قمة الديمقراطية.
أما الرئيس الأميركي جو بايدن فقد أعلن أن دعوة نتنياهو للبيت الأبيض لن تكون في المستقبل القريب؛ وبذلك يكون الخلاف بين بايدن ونتنياهو حول تطورات الوضع الداخلي في إسرائيل، وفهم كل منهما لقضية الديمقراطية قد خرج إلى العلن؛ وردّ نتنياهو بأن بلاده ذات سيادة وترفض الإملاءات الخارجية حتى لو كانت من أصدقائها.
وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية الجنرال باتريك رايدر -في لقاء حصري مع برنامج “من واشنطن” (2023/3/30)- إن النظم الديمقراطية تزداد قوة لا ضعفا، بينما تزداد النظم السلطوية ضعفا لا قوة؛ وهذه نتيجة مباشرة لتضامن جميع الأطراف وإيمانهم بصدق قضيتهم.
وشدد رايدر على التزام أميركا بأمن إسرائيل، منوها إلى “العلاقات الخاصة” التي تربط بين البلدين، والتي تبرز من خلال دفاع واشنطن الدائم عن “حق إسرائيل في الدفاع عن النفس”، وحرصها على تزويدها بالمساعدات الأمنية التي تحتاجها، ومن ضمن ذلك مذكرة التفاهم التي تنص على حصول إسرائيل على 38 مليار دولار، وهي المذكرة التي عاد بايدن لتأكيد أهميتها قبل فترة قصيرة.
شريك مهم
كما أكد رايدر أن إسرائيل كانت وستظل شريكا إستراتيجيا للولايات المتحدة، ووصفها بأنها شريك مهم وإستراتيجي للولايات المتحدة، وتربطهما وجهة نظر مشتركة بشأن الديمقراطية، وتجمع الدولتين قيم مشتركة خاصة في ما يتعلق بعمل أجهزتهما العسكرية في المنطقة من أجل السلام. و”العلاقات العسكرية مع إسرائيل قوية للغاية، وأميركا ملتزمة بها”.
من جهته، رأى رئيس مؤسسة “ذي ناشونال إنترست” خالد صفوي أن الرئيس الأميركي لديه دعم من داخل الجالية اليهودية الأميركية التي انتقدت إجراءات نتنياهو، مشيرا إلى أنه من الناحية السياسية تحظى هذه الجالية بنفوذ كبير، وقد تضر بالمصالح السياسية لبايدن في حال وقفت ضده، كما أن من هاجموا تصريحات بايدن وانتقاده لنتنياهو كانوا محسوبين على اليمين اليهودي داخل الولايات المتحدة الأميركية.
أما عن أحقية أميركا بتحديد معايير الديمقراطية، فأوضحت أستاذة التاريخ في جامعة بنسلفانيا صوفيا روزنفيلد أن الوضع الحالي للديمقراطية في أميركا لا يمكنها أن تكون “مثالية” وتلعب دور المتحدث باسم الديمقراطية في العالم، و”لكن هذا لا ينفي وجود معايير وسمات أساسية للديمقراطية لا يمكن الاختلاف بشأنها، ومن أهمها استقلالية النظام القضائي الذي أثار الجدل في إسرائيل خلال الفترة الحالية”.