بمشاركة ضباط إسرائيليين.. رجل أعمال فلسطيني يروي للجزيرة نت تفاصيل إفطار رمضاني مثير للجدل | سياسة

رام الله- أثار مقطع فيديو يظهر رجال أعمال وشخصيات عشائرية فلسطينية، في محافظة الخليل، يشاركون في مأدبة إفطار بوجود ضباط إسرائيليين، كثيرا من الجدل وردود الأفعال المبررة أحيانا، والرافضة والمخوّنة في أحيان كثيرة.

ويعود الفيديو إلى يوم الجمعة الماضي، ويقول أحد المشاركين بالمأدبة إنهم دُعوا إلى تناول الإفطار دون أن يعلموا إلا اللحظة الأخيرة بوجود ضباط إسرائيليين تمت دعوتهم من المُضيف.

دعوة لعزل المشاركين

إلى جانب سيل من الانتقادات والاتهامات للمشاركين على شبكات التواصل، كان الموقف الأشد من اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل (BDS) التي أدانت تلك المشاركة ووصفت اللقاء بـ “الخياني” ودعت إلى “عزل رموز الخيانة ومقاطعتهم شعبيا”.

واعتبرت اللجنة مثل هذه اللقاءات “الوقحة” مع “ممثلي الاحتلال” لا تجري في الفراغ، بل في سياق “تفاقم التطبيع الرسمي” والمتمثل بالاستمرار في التنسيق الأمني، واللقاءات التطبيعية الأخيرة بمشاركة جهات رسمية فلسطينية والتي كان آخرها اجتماعا شرم الشيخ والعقبة”.

وانتقدت عدة فصائل فلسطينية ومؤسسات أهلية المشاركة في الإفطار، وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إنه “تطبيع غير مقبول، ويناقض قيم شعبنا في مقاطعة الاحتلال ومحاربته ومواجهة سياساته الإرهابية”.

ومن جهته، أدان عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني فهمي شاهين “أي لقاءات مهما كان نوعها مع ممثلي الاحتلال ومؤسساته”.

وأضاف شاهين في حديثه للجزيرة نت “لا يمكن تبرير هذه اللقاءات، وعلى الإنسان أن يكون حذرا”.

وتابع “نرفض وندين كل أشكال التطبيع والتعاون مع الاحتلال والممثلين مهما كانت الحجج، في ظل هذا الظرف الذي يتعرض فيه الشعب الفلسطيني لحرب مفتوحة ودموية على يد حكومات دولة الاحتلال”.

هذا ما جرى

الجزيرة نت تحدثت إلى أحد رجال الأعمال الفلسطينيين، والذي دعي للإفطار، لمعرفة تفاصيل ما جرى.

يقول رئيس ملتقى رجال الأعمال الفلسطينيين بالخليل، رئيس الاتحاد الفلسطيني للمعادن الثمينة محمد غازي الحرباوي إنه دُعي إلى الإفطار، كما في سنوات سابقة، من قبل رجل أعمال ينحدر من بلدة يطا جنوبي الخليل.

وأضاف أن صاحب الدعوة “يسكن خلف الجدار العازل، أي مناطق إسرائيلية، وأنا على علاقة معه منذ عشرات السنين”.

وتابع الحرباوي “هو زبون عندي حيث أملك معرضا لبيع الذهب، ومن عندي اشترى الذهب لكل أولاده، فحصلت علاقة بيننا وحضرت له مجموعة مناسبات، وأفطرت عنده أكثر من مرة في رمضان وغيره”.

ويقول أيضا إن المضيف صاحب علاقات واسعة مع رجال أعمال وشيوخ العشائر في النقب، وكانوا كلهم مدعوين إلى الإفطار.

ويوضح الحرباوي أنه وغيره من رجال الأعمال وصلوا مكان الدعوة قبل موعد الأذان بنحو 10 دقائق، وقبيل الإفطار بنحو 5 دقائق دخل اثنان من ضباط الإدارة المدنية الإسرائيلية: ضابط الإدارة ومعاونه لمنطقة للخليل.

ويضيف “تفاجأت، ومن معي من رجال الأعمال بوجود الضابطين، وكرهنا أن نوضع في هذا الموقف، وأصبحنا لا نستطيع التصرف ولا المغادرة”.

وتابع أن الجميع تناول الإفطار وغادر “دون أن نجري أي حديث مع الضابطين أو أي نقاش”.

وعن الاتهامات للمشاركين بالتطبيع، يقول الحرباوي “من يريد أن يطبع لا يكون ذلك في مأدبة إفطار وبوجود 70 شخصا، لقد كنت رئيسا للغرفة التجارية وكنا نضطر لعقد اجتماعات، لكن بوجود ممثل عن الارتباط الفلسطيني (جهة التواصل الرسمية مع إسرائيل)”.

تشريع التواصل

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل الدكتور بلال الشوكي إنه بغض النظر عن ظروف اللقاء الأخير، فإن اللقاءات بين رجال أعمال فلسطينيين وعناصر أمن إسرائيليين متكررة وليست جديدة.

وفي تفسيره لحجم التفاعل مع الإفطار المذكور، يرى أن “تفاعل الشارع مع الإفطار الأخير فيه انفعال أكثر من كونه مؤشرا على رؤية حقيقة لدى هذا الشارع”.

ويقول “التطبيع بين بعض الأطراف الفلسطينية والاحتلال غير مرتبط برجال الأعمال فقط، بل بسياق عام تنفذه بعض الجهات الرسمية دون أن يلقى أي نوع من أنواع اللوم”.

وفي ظل هذه المفارقة، يتساءل الشوبكي عن المساحة التي يتحرك فيها الرأي العام الفلسطيني ليعبر عن رفضه لمثل هذه الخطوات، ويجيب: تبدو المساحة ضيقة جدا.

ويرى الأكاديمي الفلسطيني أن جهات كثيرة، وعلى رأسها الاحتلال، استطاعت السنوات الأخيرة “كسر الحاجز النفسي في التواصل بين الفلسطيني والإسرائيلي” مشيرا إلى تزايد التعليقات الإيجابية على صفحة “المنسق” على فيسبوك، في إشارة لمسؤول وحدة تنسيق الشؤون الفلسطينية بالحكومة الإسرائيلية.

وبينما يعتقد من يجتمعون مع الضباط الإسرائيليين أنهم يسعون لتحسين علاقة ما من أجل تسهيل أعمالهم التجارية، فإن بعض المعلقين من الفلسطينيين على صفحة المنسق يرون أن تعليقاتهم قد تساعدهم في الحصول على تصاريح عمل مثلا، وفق الشوبكي.

ويرى المحلل الفلسطيني أن الفلسطينيين أمام “ثقافة سياسية جديدة تُشرّع التواصل، مع الاحتلال، وهذا المبرر ذاته تسوقه الأطر الرسمية”.