الشمال السوري ـ “من قلبي سلام لفلسطين”، لافتة رفعها النازح السوري محمد الطحان وذلك بعد حصوله على مساعدات إنسانية مقدَّمة من أبناء الشعب الفلسطيني الذين يرزحون تحت الاحتلال الإسرائيلي.
لم يتوقع الطحان أن تعود تبرعاته التي قدمها لأبناء الشعب الفلسطيني قبل 13 عاما مساعدات غذائية بعد نزوحه إلى خيمة، معتبرًا أن الفلسطينيين شعب أصيل رغم نكباته.
وفي حديث للجزيرة نت، يوضح الطحان أنه تأثر عندما رأى مساعدات غذائية مكتوبا عليها “مساعدات مقدَّمة من أبناء شعب فلسطين لإخوانهم في شمال سوريا”، مشيرا إلى أنهم تحاملوا على جراحهم وتقاسموا خبزهم مع إخوانهم السوريين.
ووجَّه الطحان شكره لأبناء الشعب الفلسطيني قائلا “سلامي لأهلنا في حيفا وعكا ويافا وغزة والقدس وكل مدن وقرى فلسطين الذي يرزحون تحت نيران الاحتلال ويتقاسمون معيشتهم معنا رغم ضيق حالهم”.
وتقوم جمعيات من الداخل الفلسطيني في المدة الأخيرة بجمع تبرعات قدرت بملايين الدولارات لدعم أهالي شمال غربي سوريا بعد كارثة الزلزال، ومُنحت الأموال لجمعيات سورية بهدف تقديم الدعم الإغاثي والأغطية والخيام وكذلك إقامة موائد رمضانية ووجبات سحور للنازحين.
قرية سكنية
ولم يقتصر دعم الداخل الفلسطيني على المساعدات الحالية، إذ افتتحت قرية سكنية في الأشهر الماضية تُقدَّر قيمتها بمليون دولار أميركي للنازحين السوريين بتبرعات فلسطينية، كما أن هناك مشاريع أخرى لبناء وحدات سكنية جديدة.
المدير التنفيذي لجمعية “أجنادين” الفلسطينية -التي تجمع تبرعاتها الخيرية من مدينة القدس- طارق زياد يؤكد أن هناك جمعيات كثيرة داخل فلسطين تعمل في المجال الإغاثي والإنساني في الشمال السوري، وأن التبرعات تجمع عن طريق الحوالات البنكية والحملات الأهلية والشعبية.
وفي حديث للجزيرة نت، أضاف زياد أن “المشاريع التي يركز عليها في الفترة الأخيرة تتوجه نحو إعادة الإعمار قدر المستطاع والتنمية المستدامة وتنفيذ مشاريع تخدم إخواننا اللاجئين السوريين بما يعود عليهم بالنفع منها، وأيضا هناك توجه كبير في المشاريع الإغاثية والمساعدات الإنسانية”.
وقال المدير التنفيذي لجمعية “أجنادين” الفلسطينية إن التبرعات والحملات الشعبية أدت إلى تنفيذ عدد كبير من الوحدات السكنية في الشمال السوري، لافتا إلى أن هناك آلاف الأعمال الخيرية والإغاثية والتنموية، استجابة من أهل فلسطين لدعم إخوانهم اللاجئين السوريين المنكوبين.
استجابة ممتازة
وأوضح زياد أنه كانت هناك استجابة ممتازة في أزمة الزلزال، “وكان لجمعياتنا دور رئيس منذ وقوع الكارثة وهناك مشاريع قادمة ومستمرة في شهر رمضان المبارك، فضلا عن توجه لاستئناف مشاريع بناء الوحدات السكنية كنوع من إعادة الإعمار”، حسب قوله.
ولاقت هذه الحملات حفاوة كبيرة من قبل أهالي سوريا، حيث عبروا عن شكرهم لأهالي الداخل الفلسطيني عبر وسائل التواصل ولافتات شعبية.
مدير فريق إدلب الوطني التطوعي الذي ينفذ مشاريع للجمعيات الفلسطينية بشمال سوريا نصر العيدو أكد أن أهم المشاريع التي نفذت بتبرعات فلسطينية هي مشاريع البناء (القرى السكنية والمساجد والمدارس والمعاهد الشرعية)، بالإضافة إلى حملات الاستجابة الطارئة للزلزال وحملات شهر رمضان وحملات الأضحى المبارك.
وفي حديث للجزيرة نت، أكد العيدو أن قيمة المشاريع تختلف باختلاف الحملات، وتتنوع بين بناء الوحدات والمساجد ومدرسة ومعهد لتحفيظ القرآن وتوزيع السلال الغذائية ووجبات إفطار الصائم وذبائح الأضاحي وتوزيع سبل الماء وكفالات الأيتام، والعديد من الحملات الأخرى.
ولفت في حديثه إلى أنه “تم بناء 50 وحدة سكنية بمساحة 45 مترا لكل وحدة، مع ملحق لكل وحدة سكنية بمساحة 40 مترا، كما تم تخديم القرية بمدرسة ومسجد ومعهد لتحفيظ القرآن وحديقة”.
وأوضح العيدو أن جمع التبرعات جاء عبر العديد من الحملات التي يكون إطلاقها في المساجد والساحات العامة، كما تجمع التبرعات عن طريق الحسابات البنكية من خلال نشر هذه الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي.
بدورها، ناشدت فاطمة الشيخ (نازحة سورية في منطقة إدلب) أبناء الداخل الفلسطيني -في مقطع فيديو- تأمين خيمة لها بعد كارثة الزلزال الذي ضرب مناطق شمال سوريا، وذلك بعد حصولها على مساعدات فلسطينية قبل أشهر.
وبعد مناشدتها، حصلت فاطمة على خيمة ومِدْفأة ومساعدات غذائية مقدَّمة من جمعية “أجنادين” الفلسطينية، وذلك ما دفعها إلى توجيه رسائل شكر لأهل فلسطين معتبرة أن قضية الشعب السوري والفلسطيني واحدة.
وتقول الشيخ في حديث للجزيرة نت “قضيتنا واحدة، نحن مهجَّرون ونتعرض للقصف وخذلنا العالم وهم كذلك، لذلك شعروا بما يجري لإخوانهم السوريين من عذابات وتشرد، ولا يؤلم الجرح إلا من به ألم”.
وتضيف في حديثها “نأمل من أهلنا الفلسطينيين أن يواصلوا دعمنا، ونسأل الله أن يكفكف جراحهم ويجمعنا معا في باحات المسجد الأقصى بعد تحريره من الاحتلال”.