مراسلو الجزيرة نت
طهران- بعد عقود من عكوف المتخصصين الإيرانيين على تطوير شتى أنواع الأسلحة، لا سيما الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية، أقدمت طهران على شراء مقاتلات “سوخوي-35” من روسيا بعد ما استعصى إنتاج المقاتلات المتطورة على صناعاتها العسكرية.
وبعد أسبوع فقط من تأكيد وزير الدفاع الإيراني العميد محمد رضا آشتياني، عزم بلاده اقتناء مقاتلات روسية لتعزيز قوتها الدفاعية، أعلنت البعثة الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة، الجمعة، أن طهران انتهت بالفعل من إبرام عقد لشراء طائرات مقاتلة من طراز “سوخوي-35” الروسية.
وأوضحت البعثة الإيرانية في نيويورك، أن الصفقة تمت عقب انتهاء القيود المفروضة على طهران لشراء أسلحة تقليدية في أكتوبر/تشرين الأول 2020، وفق القرار الأممي (2231)، لكنها امتنعت عن الإدلاء بمزيد من المعلومات حول عدد المقاتلات المزمع تسليمها إلى إيران وموعد تنفيذ الصفقة “لضمان سرية المعلومات الخاصة”.
تحفّظ إيراني
ويأتي تحفّظ البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة على الكشف عن موعد وصول المقاتلات الروسية إلى إيران عقب تقارير غربية استندت إلى رسوم ظهرت في مقطع فيديو نشرته القوات المسلحة الإيرانية لقاعدة “عقاب 44” الجوية تحت الأرض، حيث تشبه رسوم الطائرات تصميم طائرة “سوخوي-35”.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية قد ذكرت في تقرير تحليلي أن المقاتلات الروسية ربما تكون قد وصلت بالفعل إلى إيران، وربطت ذلك بصور الأقمار الصناعية التي تظهر استقرار طائرات مقاتلة في قاعدة جوية داخل إيران لم تكن طهران تمتلكها من قبل.
في المقابل، نفى وزير الدفاع الإيراني محمد رضا آشتياني، الأسبوع الماضي، تسلّم بلاده أيا من معدات مقاتلات “سوخوي-35” حتى الآن، في حين كان عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني شهريار حيدري، قد كشف في فبراير/شباط الماضي أن طهران ستستلم المقاتلات الروسية مطلع العام الإيراني المقبل (يبدأ في 21 مارس/آذار الجاري).
مزايا إستراتيجية
من ناحيته، يصف الباحث الإيراني في الشؤون العسكرية محمد مهدي يزدي، الحديث عن امتلاك بلاده مقاتلات روسية متطورة بأنه “جديد قديم” منذ سنوات، موضحا أن انتهاء القيود المفروضة على طهران لشراء أسلحة تقليدية قد سرّع وتيرة التعاون العسكري بين إيران وروسيا.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح يزدي أن القوة الجوية في الجيش الإيراني تسعى لتنويع معداتها العسكرية من صناعات القوى الغربية والشرقية إلى جانب الصناعات الوطنية.
وأوضح أن بلاده كانت قد خاضت مفاوضات جادة مع الجانب الروسي لشراء مقاتلات “سوخوي-30” خلال الأعوام الماضية إلا أنها وجدت في مزايا طراز “سوخوي 35” ما يتناسب وخططها الرامية لتعزيز قدراتها الجوية.
وأكد يزدي أن “سوخوي-35” تتمتع بمزايا إستراتيجية تجعل منظومة التسلح الإيرانية متكاملة لمواجهة التهديدات المحتملة، ولخّص أبرز مواصفات المقاتلة الروسية كالتالي:
- التمتع بقدرات هجومية كبيرة تضاهي النماذج الغربية لاسيما المقاتلات الأميركية.
- التمتع بمواصفات تقرّبها من الجيل الخامس والقدرة على اكتشاف طائرات العدو من مسافة بعيدة.
- تزويدها بصواريخ جو-جو وجو-أرض وصواريخ مضادة للسفن.
- تزويدها بمنظومة الحرب الإلكترونية “خيبيني-إم” المتطورة ولديها قدرة فائقة على المناورة.
- قدرة التحليق بسرعة تفوق سرعة الصوت.
- القدرة علی اكتشاف 30 هدفا والاشتباك مع 8 منها في آن واحد.
وخلص يزدي إلى أن بلاده تنظر إلى تسلحها العسكري باعتباره منظومة متكاملة ولا تعوّل على طراز منه دون غيره في حال تم استهداف البلاد عسكريا، مؤكدا أن مقاتلة “سوخوي-35” في حال وصولها إلى الأراضي الإيرانية ستأخذ على عاتقها مهام محددة إلى جانب المنظومات العسكرية الأخرى.
موازنة القوى
بدوره، يقرأ الباحث في الشؤون العسكرية محمد مهدي ملكي، مساعي بلاده لامتلاك أسلحة روسية في سياق موازنة القوى بالمنطقة، مؤكدا أنه علی ضوء التعاون المتزايد بين طهران وموسكو “لا غرابة في إرادة الجانبين لتلبية حاجة الطرف الآخر عسكريا”.
ويعتبر ملكي أن تسلّح بلاده بالمقاتلات لم تتطور على غرار المسيّرات والصواريخ، مضيفا أن تزويد الجيش الإيراني بمقاتلات “سوخوي-35” سيُحدث نقلة نوعية في تعزيز قدراته الجوية.
وعما إذا ستستقبل إيران طائرات “سوخوي-35” في قاعدة “عقاب 44” الجوية التي كشفت النقاب عنها في فبراير/شباط الماضي، قال ملكي إن القاعدة هذه ليست سوى إحدى القواعد المنتشرة في جغرافيا إيران، مضيفا أن طهران تتخذ إستراتيجية تحييد التهديدات المحتملة على غرار تحصين منشآتها النووية تحت الجبال وبالتالي فإنها ستوزع المقاتلات المستوردة في عدة قواعد متباعدة عن الأخرى.
تجدر الإشارة إلى أن أسطول إيران من الطائرات الحربية تهيمن عليه الطائرات الروسية من طراز “ميغ” (MIG) و”سوخوي” (Sukhoi) التي تعود إلى حقبة الاتحاد السوفياتي، فضلا عن طائرات حربية صينية من بينها “إف-7” (F-7)، إضافة لبعض الطائرات المقاتلة الأميركية من طراز “إف-4″ (F-4) و”إف-5” (F-5) اشترتها طهران قبل قيام الثورة الإيرانية في عام 1979.