تعهد رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني لبرنامج “المقابلة” بمحاسبة أسماء كبرى من المتورطين في قضية “سرقة القرن”، وقال إن التحدي الذي يواجه الدولة العراقية اليوم هو الفساد، وإن “الجزء الأكبر من الفساد محمي من الواجهات السياسية أو الرسمية”، ولم تكن هناك إرادة حقيقية لمكافحته في الفترة السابقة، في حين أن جزءا من الفساد هو مجتمعي بسبب غياب المحاسبة.
وأضاف السوداني أن “سرقة القرن”، وهي ضمانات ضريبية سرقت بمقدار 3 تريليونات و7 مليارات دينار، “فيها حماية وغطاء رسمي حكومي، والقضاء يتحدث عن وجود شبكة من كبار المسؤولين في الحكومة السابقة أسهموا بالتغطية وتقديم التسهيلات لشبكة من السراق استولت على هذه الأموال”.
وحول طريقة تعامله مع المسؤولين الذين يؤكد تورطهم في “سرقة القرن”، قال رئيس الوزراء العراقي: “هذه القضية بالتحديد إذا لم تكن فيها محاسبة واسترداد للمال العام فأي حديث عن مكافحة سيكون عبثا وضحكا على الدقون”.
وأكد أنه كان واضحا وصريحا منذ اليوم الأول للرأي العام ومع مجلس القضاء الذي أخبره: “أيا كان المتورط في القضية مهما كان موقعه أو صفته أو قربه من هذه الجهة أو تلك، أنتم بحكم القانون تقومون بإصدار أمر القبض وأنا المعني بجلبه سواء داخل العراق أو خارجه”.
وردا على سؤال حول ما إذا كان يتوقع شيئا قريبا ضد أسماء كبرى، أجاب قائلا: “نعم.. ضد أسماء كبرى في هذه السرقة الكبيرة.. ويجب أن يحاسبوا لأنه لا وجود لخطوط حمراء”.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تم الكشف لأول مرة عن قضية “سرقة القرن” التي تورط فيها مسؤولون سابقون كبار ورجال أعمال، وأثارت سخطا شديدا في العراق الذي شهد في السنوات الماضية احتجاجات واسعة تطالب بوضع حد للفساد.
ورفض السوداني -في حديثه لحلقة (2023/4/2) من برنامج “المقابلة”- توجيه التهم لجميع الطبقة السياسية بالفساد، متحدثا عن خلط مقصود بهدف إصابة الجميع باليأس وترك الساحة لطبقة محددة.
وعن التحديات التي تواجهه داخل الإطار التنسيقي الذي يعبر عن القوى الشيعية في العراق، قال السوداني إنه قبل تكليفه بتشكيل الحكومة كان هناك نقاش بينه وبين قيادات قوى الإطار، واستعرض أمامهم التحديات وكيفية مواجهتها، وقال إنهم تناولوا كل القضايا الحساسة وخاصة إشكالية الفصائل المسلحة ووجود التحالف الدولي، وكشف أنهم منحوه تفويضا بأنه وحكومته مَن تفاوض وتحدد شكّل العلاقة مع التحالف الدولي بهدف الخروج باتفاق واضح المعالم.
وأضاف أنه في حال الاتفاق سينتهي دور السلاح عند أي جهة، وقال إن حكومته بدأت خوض الحوار مع التحالف الدولي وهناك أفكار تفضي إلى اتفاق “ولن يكون هناك مبرر لوجود أي سلاح غير سلاح الدولة”.
وبشأن الوجود الأميركي في العراق، أشار إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية انتهى اليوم وأن القوات الأمنية العراقية قادرة وعلى درجة من الجهوزية لتوفير الأمن في كل العراق، وما يحتاجه البلد من الأميركيين ليس وجودا قتاليا وإنما هو علاقات أمنية وتدريب وهذا يراد لها سياق جديد.
العلاقات مع إيران
وعن الوضع العراقي، أشار رئيس الوزراء إلى أن العراق خرج من عنق الزجاجة وحقق نصرا على الإرهاب، والعملية السياسية تشهد بناءات إيجابية، لكن هناك اليوم مشكلة البطالة والفساد والخدمات، مؤكدا ضرورة الإصلاحات الاقتصادية مثل تفعيل القطاعات والاستفادة من الثروات الطبيعية، فالعراق ليس بلدا نفطيا فقط يمكن أن يكون بلدا زراعيا وصناعيا، ويجب أن تقوم العملية على رؤية وفلسفة جديدة وليس على رؤية النظام الاشتراكي.
وعن العلاقات العراقية الإيرانية، وصف السوداني إيران بأنها دولة جارة دعمت العملية السياسية بعد 2003 وعلاقاتها طيبة مع كل المكونات العراقية، ونفى وجود أي تدخل أو وصاية من طرف الإيرانيين في مراحل تشكيل الحكومة ومفاوضاتها العسيرة، معتبرا في نفس السياق أن مسألة التدخل الإيراني مرفوضة، وأن العراق لا يريد أن يكون ساحة لتصفية الحسابات.
وبينما أشاد رئيس وزراء العراق بعلاقات بلاده بالسعودية والكويت وتركيا، قال إن الاتفاق السعودي الإيراني مهم جدا بين دولتين مهمتين في المنطقة وسيسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية.
ومن جهة أخرى، أكد أنه لا بد من عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وأن يتم التعامل مع النظام الرسمي فيها، قائلا إن سوريا تتعرض لمشاكل حقيقية خاصة بعد الزلزال الأخير.