اعترف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتعرض المجاهدة الجزائرية الرمز جميلة بوباشا للتعذيب والاغتصاب من قبل الجنود الفرنسيين إبان الثورة التحريرية الجزائرية.
وقد سمع العالم كله عنها يوما من الأيام بين سنتي 1960- 1961. وكتبت الصحف العالمية عن قصتها، وخصصت لها مقالات على صفحات الجرائد والمجلات يوميا، يتتبعها القراء.
واهتز العالم لأجل معاناتها، ووُبخت فرنسا لأجلها، لأن جميلة بوباشا عُذبت عذابا وحشيا من طرف الجيش الفرنسي، الذي كان حاقدا عليها، لأنها ضُبطت متلبسة بقنبلة كانت تريد أن تضعها في مكان اتُّفق عليه مسبقا.
جميلة بوباشا
ألقي القبض عليها مع أبيها وأخيها وأختها المجاهدة نفيسة بوباشا، فكلهم عائلة ثورية. عُذبت جميلة بوباشا عذابا لا يتحمله بشر وتنهدّ له الجبال، حتى زُلزل العالم لما عانته من وحشية الجيش الفرنسي على هذا الجسد الضعيف لهذه المرأة المناضلة.
وفي كلمة ألقاها اليوم بباريس بمناسبة إحياء ذكرى المحامية جيزال حليمي، التي كانت محامية المجاهدة بوباشا، قال ماكرون إن هذه الأخيرة سارعت لنجدة جميلة بوباشا التي تعرضت للتعذيب والاغتصاب بعد اعتقالها عند محاولتها وضع قنبلة بالقرب من مسرح بيار بورد سابقا، ابن خلدون حاليا.
كما اغتنم الرئيس الفرنسي وهو يتحدث عن المحامية جيزال حليمي ليعرج على ملف الذاكرة، مشيرا إلى أنه سيتم قريبا تنصيب اللجنة المشتركة بين الجزائر وفرنسا لدراسة أرشيف الحقبة الاستعمارية.
وسبق لماكرون أن اعترف بتعرض الشهيد علي بومنجل للاغتيال، بعد أن كانت تشير الرواية الرسمية طيلة عقود عن انتحاره.
جميلة بوباشا
من هي جميلة بوباشا؟
وعن سيرة هذه المرأة الشجاعة وفق ما قرأته عنها العربية.نت، فقد ولدت جميلة بوباشا في 9 فبراير عام 1938 ببلدية بولوغين بأعالي الجزائر العاصمة، وقد نشأت وسط أسرة ثورية، حيث تدربت في مستشفى بني مسوس لتكون ممرضة، لكنها لم تحصل على شهادة التدريب بسبب هويتها الجزائرية.
وتقول بوباشا في حوار نادر أجرته عام 1972مع قناة المعهد الوطني للسمع البصري بفرنسا: “التحقت بالثورة عام 1955 وكان عمري حينها 17 عاما، وقد قررت الانخراط في صفوف جبهة التحرير”.
جميلة بوباشا
وقد تم اعتقالها في 9 فبراير 1960 المصادف ليوم عيد ميلادها، على خلفية قيامها بوضع العديد من القنابل في مناطق تجمع الفرنسيين في العاصمة، لتتعرض لأبشع أنواع التعذيب ويحكم عليها بالإعدام.
وقد عرفت قصتها تعاطفا كبيرا من المثقفين والشخصيات العالمية، وفي مقدمتهم الكاتب الفرنسي جون بول سارتر، والرسام العالمي بابلو بيكاسو الذي رسمها في لوحة تقدر حاليا قيمتها بـ400 مليون يورو.
دافع عنها الرئيس الأميركي جون كنيدي
وتطوع العديد من المحامين للدفاع عنها، وعلى رأسهم المحامية الشهيرة جيزال حليمي، كما دافع عنها الرئيس الأميركي جون كنيدي، والزعيم الصيني ماوتسي تونغ.
وقد كتبت الفيلسوفة الفرنسية الراحلة سيمون دو بوفوار عام 1960، مقالا مطولا في صحيفة “لوموند” الفرنسية، تحكي فيه للعالم معاناة جميلة بوباشا.
وقالت دو بوفوار، في مقالها المعنون بـ”من أجل جميلة بوباشا”، الذي جاء على شكل نداء للرأي العام العالمي: “في ليلة 10 إلى 11 فبراير، اقتحم حوالي 50 حارساً ومفتشا للشرطة المنزل الذي تعيش فيه جميلة مع والديها، ضربوها هي ووالدها وصهرها، لقد داس الجنود، بمن فيهم نقيب المظليين، على جميلة وحطموا ضلعها، قاموا بتوصيل أقطاب كهربائية، كما قاموا بربط ساقيها وفخذيها ووجهها بالكهرباء، لقد علقوا جميلة بعصا في حوض الاستحمام وعذبوها بأبشع الطرق”.
جميلة بوباشا