بعدما عاد ذكرها بقوة خلال الأيام الماضية على وقع الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، هاجم المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، اتفاقات مينسك، واصفاً إياها بأنها كانت لعبة “الكشتبان المقلوب”.
وأضاف بيسكوف في مقابلة صحافية، الأحد، أن الغرب خدع روسيا بهذه الاتفاقية.
“لعبة كشتبان”
وتابع أنها قدّمت دفعة مشجعة لنظام كييف في نواح كثيرة، وأطلقت لهم العنان لتنظيم مذبحة ضد الروس في بلادهم، وهذا ما سرع بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وفق تعبيره.
كما رأى أن الاتفاقية الموقعة عام 2015، لم تكن سوى لعبة كشتبان.
أتى هذا تأكيداً على كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي اعتبر مؤخراً أن “مينسك” ميتة منذ سنوات.
وباتت تلك الاتفاقات تواجه خطر الزوال عقب الخطوة الأخيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف بمنطقتين انفصاليتين شرق أوكرانيا، فيما يعتبر العديد من السياسيين أن هذه الخطوة الروسية كانت ضربة قاسية للاتفاقات التي تعتبر الأساس لأي حل سياسي للأزمة الأوكرانية.
ونصت اتفاقيات مينسك الموقعة عام 2015، على تسوية الوضع في شرق أوكرانيا، من خلال وقف إطلاق النار، وسحب الأسلحة الثقيلة من خطوط التماس، والإفراج عن أسرى الحرب، والإصلاح الدستوري في أوكرانيا، ومنح الحكم الذاتي لمناطق معينة من دونباس، وإعادة السيطرة على حدود الدولة إلى الحكومة الأوكرانية.
روسيا: لن نلتزم
1300 قتيل
أما قصتها، فبدأت عندما أسس قادة أربع دول هي طرفا الأزمة روسيا وأوكرانيا إلى جانب الوسيطين فرنسا وألمانيا، “صيغة نورماندي” عام 2014، في أعقاب اشتباكات مسلحة عنيفة اندلعت في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا بين القوات الحكومية وميليشيات انفصالية تدعمها روسيا.
وعُقد الاجتماع الأول في 6 يونيو 2014 في النورماندي شمال فرنسا. ولم يكن للقاء في البداية أي علاقة بالصراع الأوكراني، لكن استُغل الاحتفال بالذكرى السبعين لإنزال الحلفاء في النورماندي في الحرب العالمية الثانية لعقد اللقاء.
وركزت مفاوضات “صيغة نورماندي”، وهي منصة حوار رباعية غير رسمية على تهدئة الصراع، وعقدت عدة جولات من المحادثات منذ ذلك الحين، ما أسفر عن توقيع اتفاقية مينسك.
في الأثناء، اضطرت الحكومة الأوكرانية في 5 سبتمبر/أيلول 2014، الموافقة على خطة وقف النار التي قدمتها روسيا ومنظمة التعاون الأوروبي OSCE، وتم إجراء محادثات بين ممثلي جميع الأطراف في العاصمة البيلاروسية مينسك، إذ تضمنت خطة السلام التي عرفت بـ”مينسك 1″ مجموعة من النقاط.
اتفاقيات مينسك بين الحكومة الأوكرانية والانفصاليين
إذ ركزت الاتفاقية على وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى والمعتقلين، وإقامة منطقة عازلة، ومراقبة منظمة الأمن والتعاون الأوروبي لوقف إطلاق النار والحدود الروسية الأوكرانية.
كذلك، أكدت انسحاب “الجماعات المسلحة غير النظامية، المتشددين، المسلحين، المرتزقة” من الأراضي الأوكرانية.
بالإضافة إلى دعوة الحكومة الأوكرانية إلى اعتماد قانون للعفو عن المتورطين في الصراع في دونباس.
إلا أن اتفاق “مينسك 1” على الرغم من إيقافه الهجوم المدعوم من روسيا ضد القوات الحكومية، لم ينه القتال، ولم تنفذ بنوده بصورة تامة، إذ تراوحت العمليات القتالية بين المتقطعة والشديدة أحياناً.
وتسببت المعارك في سقوط 1300 قتيل منذ توقيع الاتفاق، واستولى الانفصاليون على أكثر من 500 كيلومتر مربع إضافي من الأراضي الأوكرانية.
مينسك 2
وبعد فشل اتفاق “مينسك 1” اجتمع رؤساء كل من فرنسا وألمانيا وروسيا مجدداً في العاصمة مينسك، للعمل على وقف إطلاق النار، والتوصل إلى اتفاق سياسي جديد ينهي الأزمة في دونباس.
وفي 12 فبراير، تم توقيع الاتفاق الجديد الذي تضمن معظم شروط الاتفاق الأول وسمي اتفاق “مينسك 2” ودخل حيز التنفيذ في 15 فبراير 2015.
فيما يعتبر اتفاق مينسك اليوم معلقاً، حيث عُقد اجتماعان آخران في ظل صيغة نورماندي على مستوى رؤساء الدول والحكومات، أحدهما في برلين عام 2016 والآخر في باريس أواخر عام 2019 بحضور الرئيس الأوكراني المنتخب حديثاً آنذاك فولوديمير زيلينسكي.
مع ذلك، لم يتمخض عن تلك الاجتماعات أي نتائج إيجابية.