ليلة وصفتها وسائل إعلام إيرانية بالساخنة قالت إن القوات الأميركية المتمركزة شرق سوريا عاشتها بسبب هجمات بالصواريخ والمسيرات الانتحارية التي طالت قاعدتي حقلي كونيكو والعمر النفطيين. فكيف يفهم سياق الهجمات الأخيرة وما الرسائل التي تحملها ومن أي طرف؟
رد الجيش الأميركي على الهجمات جاء سريعا، من خلال غارات على مواقع مليشيات محسوبة على إيران، حيث قالت تقارير إنها خلفت قتلى بين صفوفها، رغم تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن أن بلاده لا تسعى لأي صراع مع إيران.
أما الرد الإيراني، فجاء عن طريق مجلس الأمن القومي الذي قال إن اتهامات واشنطن بالهجوم على قواعد أميركية في سوريا غير صحيحة. وأضاف المجلس أن مهاجمة القواعد التي أنشئت بطلب من الحكومة السورية سيتم الرد عليها.
رسائل إيران
وعن رسائل هذا التصعيد، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت عبد الله الشايجي -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر” (2023/3/25)- إن التصعيد إيراني وليس أميركيا، فبايدن لا يريد الصراع معها، موضحا أن طهران تقرأ أمور عديدة في موقف الإدارة الأميركية، أولها يتعلق بالتراجع الكلي بشأن الملف النووي الإيراني، ولذلك تريد أن تعيده إلى الواجهة مرة أخرى.
كما أن إيران ترى أن إدارة بايدن ضعيفة ومنهمكة كليا في حرب روسيا على أوكرانيا، فضلا عن دخولها في مواجهة مفتوحة مع الصين. ورغم المقاربة والتصالح الذي حدث بين الرياض وطهران فإن الأخيرة تريد أن توصل رسالة لواشنطن مفادها أنها لا زالت تمتلك أوراقا يمكنها استخدامها لتأجيج الأوضاع بالمنطقة.
كما أشار الشايجي إلى أن إيران ترى أن الجمهوريين سعوا طوال الأسبوعين الماضيين إلى محاصرة بايدن، إذ كانت هناك محاولتان في الكونغرس لإنهاء التفويض باستخدام القوات الأميركية بالشرق الأوسط وسحبها من دول الخليج والعراق وسوريا، ولكنهم فشلوا في تحقيق ذلك.
وخلص في ختام حديثه إلى أن إيران ترى المشهد الأميركي بشكل عام أنه يسود فيه نوع من الارتباك وعدم الاهتمام بالشأن الإيراني، ولذلك أرادت أن تنبه الأميركيين إلى أنها تملك أوراقا قادرة على إزعاجهم، فتحركت المليشيات الموالية لها شمال شرق سوريا وعملت على مهاجمة القواعد الأميركية.
صراع النفوذ
من جهتها، أشارت فاطمة الصمادي الباحثة الأولى بمركز الجزيرة للدراسات والخبيرة بالشأن الإيراني إلى أن المواجهة الأخيرة ليست الأولى من نوعها، لكنها أكدت أنها تأخذ بعدا لا يمكن عزله عن السياق السياسي في المنطقة.
وأوضحت الصمادي أن أميركا وإسرائيل تهدفان إلى تحجيم نفوذ إيران وإخراجها من سوريا. في المقابل، تهدف إيران إلى إخراج القوات الأميركية من المنطقة، موضحة أن هذا التعارض بالأهداف يشكل المظلة الأساسية لهذه المواجهة بينهما.
وفي سياق صراع النفوذ بالمنطقة، أوضحت الصمادي أنه لا يمكن الفصل في المواجهة بسوريا بين ما تريد إسرائيل وأميركا، فهما وجهان لعملة واحدة، ولذلك اعتبرت أن تعزيز الهجمات في سوريا واستهداف المليشيات يأتي ضمن خطة تقوم على أنه لا يمكن تحجيم النفوذ الإيراني إلا باستهداف حلفائها عن طريق تقديم امتيازات لهم لجذبهم بعيدا عن المعسكر الإيراني أو جعل الحلف مع طهران مكلفا سواء على صعيد الأرواح أو المكتسبات العسكرية والسياسية.
يذكر أن ما يحدث من تطورات سياسية وميدانية، بين طهران وواشنطن، يعني غيرهما من دول المنطقة خاصة إسرائيل. وبهذا السياق أجرى رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الأميركية الجنرال مارك ميلي محادثات عبر الفيديو مع نظيره الإسرائيلي هرتسي هليفي. وقال المتحدث باسم هيئة الأركان الأميركية -في بيان- إن المسؤولين العسكريَّيْن بحثا شؤونا أمنية إقليمية، فضلا عن التنسيق لمواجهة تهديدات إيران في المنطقة.