القدس المحتلة – تناولت الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية الاتفاق السعودي الإيراني، حيث اعتبرته صفعة لإسرائيل وعقبة أمام تطلعات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المعلنة لتوسيع دائرة التطبيع وما يُطلق عليه “اتفاق أبراهام”، فضلا عن أنها بمثابة فشل لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في سعيه لمنع تعزيز الصين نفوذها بالشرق الأوسط.
وسبق الإعلان الرسمي عن اتفاق -بوساطة صينية- يُمهّد لاستئناف العلاقات بين الرياض وطهران، تصريحات لنتنياهو من العاصمة الإيطالية روما كشف فيها عن عزمه مواصلة جهوده لتحقيق هدف حكومته بتطبيع العلاقات بين تل أبيب والرياض، وذلك عبر استحداث سكة الحجاز وربط حيفا والسعودية بمشروع القطار عبر الأردن.
انتقادات واتهامات
وفي أعقاب الاتفاق السعودي الإيراني، انصبت الكثير من الانتقادات على نتنياهو، وهاجم رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت حكومة نتنياهو، وادّعى أن الاتفاق يعد “فشلا ذريعا من جانبها، نابعا من مزيج من الإهمال السياسي والدبلوماسية الخارجية، والضعف العام والصراع الداخلي في إسرائيل”.
كما عبر رئيس كتلة المعارضة يائير لبيد عن الموقف نفسه، إذ قال إن الاتفاق بين طهران والرياض “فشل كامل وخطير في السياسة الخارجية للحكومة الإسرائيلية”، معتبرا استئناف العلاقات بين البلدين بمثابة انهيار لجدار الدفاع الإقليمي، الذي بدأت حكومته في بنائه ضد إيران.
في السياق، اتهم مسؤول دبلوماسي إسرائيلي رفيع الحكومة السابقة، بقيادة بينيت ولبيد، بالمسؤولية عن التقارب الذي حدث بين إيران والسعودية، عازيا ذلك لشعور إقليمي حينها بالضعف الأميركي والإسرائيلي.
وبعيدا عن تراشق الاتهامات بين الائتلاف والمعارضة في إسرائيل، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست يولي إدلشتاين إن تجديد العلاقات بين الرياض وطهران “أمر سيئ للغاية لإسرائيل وللعالم الحر بأسره”.
صفعة وضربة
وتحت عنوان “مغازلة مصيرية”، كتب إيتمار آيخنر مراسل الشؤون الدبلوماسية في الموقع الإلكرتوني “واي نت”، مقالا بشأن تداعيات استئناف العلاقات بين السعودية وإيران على إسرائيل، مشيرا إلى أن التقارب السعودي الإيراني من شأنه أن يعيق ويتسبب في الضرر لجهود نتنياهو لتطبيع العلاقات بين تل أبيب والرياض، كما سيمنع توسيع دائرة الاتفاقيات الإبراهيمية مع المزيد من الدول العربية والإسلامية.
ويعتقد آيخنر أن استئناف العلاقات بين السعودية وإيران بمثابة رسالة من الرياض تشير من خلالها إلى أن إسرائيل ليس لديها القدرة العسكرية في المرحلة الراهنة لتوجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية، وعليه اختارت الرياض المصالحة مع طهران مع تعزيز مسار إمكانية العودة للاتفاق النووي، وفق آيخنر.
وفيما يتعلق بسياسة إدارة الرئيس الأميركي جو بادين في الشرق الأوسط، قدّر مراسل الشؤون الدبلوماسية أن استئناف العلاقات الرسمية بين طهران والرياض بواسطة صينية يعد فشلا لسياسة البيت الأبيض وتعزيزا نفوذ بكين بالشرق الأوسط، فضلا عن أن استئناف علاقات البلدين يعبر عن عدم ثقة الرياض في واشنطن وفي رؤية نتنياهو لتطبيع العلاقات مقابل عزل إيران وتقويض نفوذها ومشروعها النووي.
وأوضح أن الدبلوماسية الإسرائيلية -ونتنياهو على وجه الخصوص- تلقى ما وصفها بـ”ضربة وصفعة” من هذا التقارب بين الرياض وطهران، حيث كانت تل أبيب تنظر للسعودية على أنها مضمونة في المعسكر المناوئ لإيران.
وفي الوقت الذي يرى أن الرياض تكتمت على العلاقات مع إسرائيل، يعلق المحلل العسكري “اعتمدت السعودية هذه الدبلوماسية كنوع من بوليصة التأمين لأي مخاطر، والأهم لجذب إيران لاستئناف العلاقات وإعادتها لسابق عهدها”.
أميركا والصين
وفي موازاة الانتقادات الداخلية الإسرائيلية والحديث عن صفعة لنتنياهو وفشل لبايدن، قالت الكاتبة المختصة بتغطية الشؤون العربية والإسلامية سمدار بيري إن “التقارب الإيراني السعودي واستئناف العلاقات الرسمية بين البلدين بمثابة نجاح للدبلوماسية الصينية في الشرق الأوسط”.
واستعرضت بيري -في مقالها بصحيفة “يديعوت أحرونوت” الذي جاء تحت عنوان “لا يقيمون أي حساب لبايدن”- دور الصين في استئناف العلاقات بين السعودية وإيران، قائلة إن “ذلك بمثابة نجاح لبكين، وإشارة لواشنطن أن الصين لا تقيم لها أي حساب وأنها تنافسها في الشرق الأوسط”. كما وصفت الدور الصيني والاتفاق بين الرياض وطهران بـ”بصقة في وجه بايدين”، قائلة إن “الأمر لا يقتصر فقط على تجنب إيران المفاوضات النووية، فالسعودية الآن تعطي الأولوية لرئيس الصين وتتجاهل البيت الأبيض بشكل واضح”.
ليس هذا فحسب، إذ تعتقد الكاتبة أن استئناف العلاقات السعودية الإيرانية سيُبقي على إسرائيل مندهشة وقلقة، ولا سيما أنه قبل ساعات من الإعلان رسميا عن الاتفاق، خرج نتنياهو بتصريحات من روما، حيث بدا حيويا ومفعما ومتفاخرا، وصرّح بأن حكومته تتجه نحو هدف التطبيع مع الرياض، مستدركة بالقول “يبدو أن هذا الحلم لن يتحقق في المستقبل القريب”.
وبعيدا عن الحلم الإسرائيلي لتطبيع العلاقات مع السعودية، كتب المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل مقالا بعنوان “لا علاقة للتقارب الإيراني مع السعودية بإسرائيل”، مشيرا إلى أنه من الطبيعي استئناف العلاقات بين الرياض وطهران، وقائلا “إن إسرائيل، كالعادة، مقتنعة بأنها مركز الشرق الأوسط، إن لم يكن العالم كله”.
بيد أن المحلل العسكري يستدرك تحليله بالقول “إن وراء التقارب المتجدد بين الرياض وطهران، بعد 7 سنوات من الانفصال والقطيعة، اعتبارات للخصمين القديمين اللذين لا علاقة لهما بإسرائيل. حيث لم تكن إسرائيل قادرة على فعل الكثير لإقناع السعوديين بالتطبيع والانضمام العلني للمحور ضد إيران”.
وعزا هرئيل استئناف العلاقات بين السعودية وإيران لتبادل الأدوار والتحولات بين القوى العالمية، وليس بين حكومات إسرائيل، فمنذ سنوات كانت الولايات المتحدة تشير إلى نيتها تقليص حضورها في الشرق الأوسط، في حين تزيد الصين اهتمامها بما يحدث في المنطقة، بحسب قوله.
وخلص المحلل العسكري الإسرائيلي إلى أن “التقارب السعودي الإيراني يؤكد مجددا أنه إذا كان أي شخص بإسرائيل يتوقع أن يقاتل الطيارون السعوديون من أجلنا في سماء إيران، فهو يعيش في أوهام، فهذه الأفكار البعيدة المنال قد تم التخلص منها إلى الأبد”.