قال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني قاسم قصير إنه في حال استمرت إسرائيل في التصعيد عن طريق ما تقوم به من اقتحامات للمسجد الأقصى، فإن ذلك من شأنه أن يقود المنطقة إلى حرب شاملة، لن تقف عند حد الطرف الفلسطيني وحده.
ورأى -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر” (2023/4/6)- أن جميع جبهات المقاومة بالمنطقة ستكون في طرف مقابل للاحتلال الإسرائيلي حال استمرار عدوانه، مضيفا أنه جرى خلال الفترة الماضية عقد لقاءات مشتركة بين قيادات المقاومة، وتم التوافق على عدم السكوت على التصعيد الإسرائيلي حال استمراره.
جاء ذلك على خلفية إصابة 3 إسرائيليين جراء سقوط صواريخ من لبنان، قالت إسرائيل إنّ عددها 34، وإن جيشها اعترض 25 منها، في حين اتهم حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في لبنان بإطلاقها، كما اعتبر لبنان مسؤولا عما حدث.
من جانبها، أكدت السلطات اللبنانية استعدادها للتعاون مع القوات الأممية في جنوب لبنان، واتخاذ الإجراءات المناسبة لعودة الهدوء والاستقرار.
واعتبر قصير أن ما حدث يقدم رسالة واضحة مرتبطة بما يجري في القدس والمسجد الأقصى، ويؤكد أن أي تصعيد يستهدف الأقصى لن يُبقي الحدود هادئة، لا في لبنان ولا في كل المنطقة، لافتا إلى تصريح أدلى به مؤخرا رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله، هاشم صفي الدين، بأن استهداف المسجد الأقصى “سيدفع مئات ملايين المسلمين لمواجهة إسرائيل”.
ورأى أن إبقاء المسؤول عن إطلاق تلك الصواريخ مجهولا حتى الآن، وعدم وجود معطيات واضحة تشير إلى المنفذ أمر ذو دلالة، وهو أنه ليس المهم من أطلق الصواريخ، لكن المهم أنه يأتي في لحظة مناسبة تدفع الإسرائيليين لإدراك أن استمرار التصعيد لن يمر من دون عقاب.
وأضاف “نحن أمام حكومة متطرفة تدفع المنطقة للتصعيد، وما جرى عمل بسيط أمام ما تقوم به إسرائيل من اعتداءات وتصعيد، وما يجري في المنطقة الآن لا يعني جهة دون جهة، سواء لبنان الرسمي أو الشعبي، فنحن أمام معركة مصيرية تعني الجميع”.
ولفت إلى أنه حتى الآن لم يتبين بعد طبيعة الرد الذي ينوي الإسرائيليون القيام به، لكن بعض المعلومات تشير إلى احتمال استهداف مخيمات أو مراكز فلسطينية في لبنان، مؤكدا أنه في حال حدوث ذلك فلا يمكن تحييد حزب الله الذي أعلن أكثر من مرة على لسان أمينه العام السيد حسن نصر الله أن أي استهداف في لبنان سيتم الرد عليه من المقاومة.
رسائل متعددة
بدوره، حمّل الدكتور مصطفى البرغوثي الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية، ومن خلفها جمهور الكيان المحتل الذي انتخبها، المسؤولية عن التطورات الأخيرة التي من شأنها تفجير الوضع في المنطقة، مضيفا أن “ما قامت به إسرائيل من جرائم وحشية ضد المصلين في المسجد الأقصى يؤكد مسؤوليتها عما يجري من تصعيد”.
واعتبر ما جرى من إطلاق صواريخ من لبنان تجاه إسرائيل يرسل رسائل متعددة، منها أن إسرائيل ليست محصنة عن المحاسبة على ما ترتكبه من جرائم، وأن الشعب الفلسطيني ليس معزولا، وأنه في حال أقدمت إسرائيل على رد تصعيدي آخر، سيكون لذلك التصعيد ردود أفعال أكبر بكثير، ستعاني منها إسرائيل بشدة.
وحذر البرغوثي -في هذا الإطار- من أنه من الوارد أن تقدم إسرائيل على ضرب المخيمات في لبنان أو تعتدي على قطاع غزة، في ظل استمرار اعتداءاتها على المسجد الأقصى، مطالبا القوى الفلسطينية بالتوحد أمام هذه الاعتداءات.
وبشأن الموقف الأميركي، أوضح الدكتور تشارلز دان -الدبلوماسي الأميركي السابق في إسرائيل- أن الولايات المتحدة معنية بالتهدئة في المنطقة لما تشعر به من قلق شديد من أن تنفجر الأوضاع لحساسيتها وخطورتها، فهي حريصة على إبقاء الوضع تحت السيطرة كي لا يسقط مزيد من الضحايا من الجانبين.
وأضاف أن واشنطن من الممكن أن تمارس مزيدا من الضغط العلني على إسرائيل، من خلال اتخاذ مواقف حاسمة ومتشددة تجاه العنف في الأقصى، ودعوة الأطراف كافة لضبط النفس.
لكنه شدد في الوقت نفسه على أنها ستمارس في المقابل ضغوطا على الأطراف الإقليمية التي تؤثر على الفصائل الفلسطينية في ما يتعلق بإطلاق الصواريخ، من أجل الضغط عليها حتى تحمل هذه الفصائل على تهدئة الوضع وعلى الامتناع عن التصعيد.