في خطوة غير مسبوقة وجّهت السلطات بالسودان، إنذاراً شديد اللهجة لعصابات السلب والنهب والسرقة بالإكراه، وأعلنت شروعها في استخدام سلاح التشهير لفضح مُرتكبي تلك الجرائم أمام الملأ، كما توعّدت بعرض المقبوض “لايف” لكشف المستور على رؤوس الأشهاد.
تهديدٌ ووعيدٌ
المنشور المُثير ، نُشر في صفحة “متابعات إعلام شرطة ولاية الجزيرة” بمنصة “فيسبوك”. واحتشد بكلمات التهديد، وتوعّد أفراد عصابات النهب المسلح والسرقة بالإكراه المعروفة محلياً بعصابات (9 طويلة) بالتشهير قائلاً (هذه رسالة لكل من تسوّل له نفسه العبث بممتلكات المواطنين، حرامي أو 9 طويلة، سيتم إلقاء القبض عليك وتصويرك “لايف” لندع العالم كله يراك ويتعرّف عليك. أما بالنسبة للناس التي تقول إن هذا تشهيرٌ وانتهاك حقوق شخصية، فنحن نتعامل بشفافية “لأن السرقة وترويع المواطنين تحت تهديد السلاح” أكبر مُهدِّدٍ وفيه انتهاكٌ أيضاً للحقوق).
تعبيرية
بث مقاطع مُصوّرة
شرطة ولاية الجزيرة بوسط السودان، اتبعت المنشور غير المألوف ببث مقاطع مصوّرة لما وصفته بأخطر مُعتادي سرقات النشل بسوق مدني -حاضرة ولاية الجزيرة – كما بثّت مقطعاً ثانياً لمنقبة تروي كيفية خطف شبان لهاتفها المحمول قُرب كوبري حنتوب بمدني، وذكرت أنها دونت بلاغاً جنائياً بالواقعة بقسم الشرطة التي تمكّنت من إلقاء القبض على المتهمين، واستعادة الهاتف المحمول.
عواقب وخيمة
الكاتب الصحفي محمد عبد الماجد قال لـ”العربية.نت”، إن التشهير بالمتهمين مهما بدت دوافعه منطقية، مرفوض وعواقبه وخيمة، لأن القاعدة القانونية تشير إلى أن “المتهم برئٌ حتى تثبت إدانته”. فالإدانة هنا تصدر من محكمة الرأي العام بمشهد خاطف أو رواية أحادية، عكس المحاكم التي تقوم بتمحيص البيِّنات والأدلة والبراهين وأقوال الشهود، كما تستمع إلى المتهم نفسه، ومن ثم تصدر حكمها.
أيضاً التشهير أو الفضيحة – كما يؤكد محمد – قد يؤدي إلى توغُّل المتهم أكثر داخل أوكار الجريمة، وقد يجعل أمر توبته عسيراً وصعب المنال، فلم يعد لديه ما يخسره بعد افتضاح أمره وكشف ستره. لذا فإن قراراً كهذا يحتاج لدراسة متأنية، من جهات الاختصاص ويُخضع للمراجعة والإجازة من المجالس التشريعية. كما يحتاج الأمر لرؤية مُستبصرة لأنّ العمود الفقري لعصابات (9 طويلة) لجانحين صغار السن، والظاهرة نفسها أفرزتها التحولات السياسية والاقتصادية والسيولة الأمنية.
جرائم (9 طويلة)
مدن السودان المختلفة، سجّلت ارتفاعاً لافتاً بجرائم النهب والسرقة بالإكراه، على أيدي عصابات تنشط فوق ظهور الدرّاجات النارية، وتُعرف محلياً بعصابات (9 طويلة)، ويقال إنّ التسمية تولّدت من الطريقة المتبعة بالنهب أو الاختطاف، إذ يتحرك لصان أو أكثر فوق الدراجة النارية، أحدهما للقيادة والآخر للسرقة، وتمتد يد اللص عن آخرها، ثم تلتف على شكل 9 لانتزاع الموبايل أو الحقائب الصغيرة بسرعة البرق، قبل أن يفروا تاركين المكان بنفس السُّرعة.
ومؤخراً، سجّلت مضابط الشرطة وقوع ضحايا بالعشرات لتلك العصابات التي لا تتورّع عن القتل لنهب الضحايا.
نشر صور أصحاب السوابق لماذا؟!!
بدوره، قال ضابط بالمباحث الجنائية – طلب حجب هويته – لـ”العربية.نت”، تعليقاً على نشر صور ومقاطع مصورة للمتهمين في جرائم النهب والسرقة، من ناحية قانونية لا يجوز نشر صور المتهمين خلال فترة التحري، لكن لخطورة الجرائم المُرتكبة بواسطة هؤلاء المعتادين يمكن أن يلتف رجال المباحث والجهات الشرطية المعنية(الإدارة العامة للمباحث المركزية)على هذا المنع والاستفادة من حرية النشر بهدف التعقب باعتبار أنهم مطلوبون وتحتاج السلطات لعون المواطنين في الوصول إليهم باعتبارهم من المسجلين الخطرين، ويتم نشر صورهم تحت هذا التبرير.
ويضيف: أذكر في إحدى الدورات التدريبية خارج السودان، تعلّمنا من القائمين على أمر المباحث بأن أعمال المباحث تتطلب التفكير خارج الصندوق بهدف المصلحة العامة وهذه إحدى المطلوبات. وجرائم مُعتادي (9 طويلة) تحتاج لنشر صور مُعتاديها حتى يساهم أفراد المجتمع في الحد من نشاطهم وتضييق فرصة تُمكِّنهم من التجوال عبر معرفة المواطن لوجوههم وحرقهم تماماً، خاصّةً وأنّهم يصعب القبض عليهم وتعقبهم بعد ارتكابهم لجرائمهم بسبب استخدامهم الدراجات النارية التي تسهل هروبهم عبر الأزقة والممرات الضيِّقة، وأنجع وسيلة هي الحد من نشاطهم بكشف هوياتهم لكل المُجتمع.