كيف مثل اعتقال قائد في التمرد البلوشي ضربة لأنشطة الهند في باكستان؟ | سياسة

في عملية أمنية معقدة أعلن الجيش الباكستاني مؤخرا القبض على جلزار إمام المعروف بـ”شامباي” زعيم ما يعرف بجيش بلوشستان الوطني في إقليم بلوشستان (جنوب غربي باكستان)، وهو ما مثل -وفق مراقبين- ضربة نوعية للتمرد في بولشستان ولمخططات هندية في باكستان.

واعتبرت ماريا سلطان المحللة الأمنية ورئيسة معهد الاستقرار الإستراتيجي لجنوب آسيا في حديث للجزيرة نت أن اعتقال إمام يمثل ضربة كبيرة للهند “لأنها استخدمت نفوذه في خلق الإرهاب في باكستان، والمساعدة في تحقيق هدفها المتمثل في زعزعة الاستقرار الإقليمي، ليس فقط لباكستان ولكن أيضا للصين من خلال مهاجمة مشاريع الممر الاقتصادي المشترك بين الصين وباكستان”.

وتضيف سلطان أن هذا سوف يضعف انتشار “أنشطة الهند الإرهابية في باكستان وفي بلوشستان خاصة”، ولكن الأهم من ذلك أنه سيساعد على كسر تمدد الهجمات البلوشية في مناطق مختلفة من باكستان.

وأول أمس الجمعة، أعلنت الهيئة الإعلامية للجيش الباكستاني أن وكالة الاستخبارات الرئيسية فيه تمكنت من القبض على “هدف عالي القيمة” وهو جلزار إمام.

كما اعتبر اعتقال جلزار إمام خدمة للمصالح الصينية، حيث إن حركته كانت تركز على استهداف المشاريع والمصالح الصينية في باكستان، إذ إنها تنظر إلى الاستثمار الصيني في بلوشستان على أنه احتلال ومحاولة لسرقة مقدرات الإقليم.

ووفقا لبيان الجيش، فإنه سبق لإمام زيارة الهند وأفغانستان، ويجري التحقيق في صلاته بوكالات الاستخبارات المعادية.

وحسب البيان أيضا، فإن وكالات الاستخبارات المعادية حاولت استغلاله للعمل ضد باكستان ومصالحها الوطنية.

وتقول ماريا سلطان إن إمام كان مزدوج الجنسية ويحمل جواز سفر أفغانيا باسم مزيف، ويعمل من أفغانستان والهند إلى جانب إيران.

انتشار أمني سابق للقوات الباكستانية في كويتا عاصمة بولشستان (الأوروبية)

التأثير على حركة التمرد

من جهته، يقول المحلل الأمني عامر رانا للجزيرة نت إن إمام يعتبر من القادة الخطرين والمؤثرين في التمرد البلوشي، وتكمن خطورته في أنه عمل على توسيع الهجمات لتصل إلى إقليم البنجاب (شرق البلاد) كما حدث في هجوم لاهور عاصمة البنجاب العام الماضي، وكان هذا مصدر قلق حقيقي للأمن الباكستاني.

ووفقا لبيان الجيش والمعلومات المتاحة، فإن جلزار هو زعيم ومؤسس ما يعرف بـ”جيش بلوشستان الوطني” “بي إن إيه” (BNA) الذي تم تشكيله بعد انشقاق فصيلين من كل من جيش بلوشستان الجمهوري “بي آر إيه” (BRA) وجيش بلوشستان المتحد “يو بي إيه” (UBA).

واعتبر البيان أن اعتقال شامباي “يمثل ضربة خطيرة لجيش بلوشستان الوطني، وكذلك الجماعات المسلحة الأخرى التي كانت تحاول زعزعة الاستقرار في بلوشستان”.

وتختلف الآراء في مدى تأثير اعتقال إمام على إضعاف جيش بلوشستان الوطني والحركات الانفصالية الأخرى في بلوشستان.

وقال مسؤول أمني في كويتا -رفض الكشف عن هويته- لصحيفة “دون” (Dawn) الباكستانية إنه كون إمام يعتبر من أبرز القادة في تحالف “بلوش راجي أجوي سانغار” “بي آر إيه إس” (BRAS) فإن اعتقاله يعني إضعاف تحالف المتمردين بشكل عام.

ويقول عامر رانا إن اعتقال إمام يمثل أهمية كبيرة، وفي كل الأحوال يعمل على إضعاف التمرد البلوشي من خلال اعترافاته والكشف عن معطيات تفيد باكستان.

لكن فهد نبيل المحلل الأمني في معهد “جيوبوليتيكال إنسايتس” (Geopolitical Insights) في إسلام آباد يشكك خلال حديث له مع صحيفة “دون” في مدى تأثير اعتقال أو القضاء على زعيم أو اثنين من متمردي بلوشستان بشكل عام، مذكرا بزيادة قوة وهجمات جيش تحرير بلوشستان بعد مقتل زعيمها أسلم بلوش عام 2018.

ووفقا للمسؤول الأمني في كويتا، فإنه من المحتمل أن يكون سارفراز بانغولزاي المعروف بـ”مريد بلوش” الشريك المؤسس للحركة يرأس المجموعة حاليا.

ويضيف أن مستقبل المجموعة يكمن في مسار العمل الذي سيتخذه خليفة جلزار.

عملية أمنية معقدة

وحسب بيان الهيئة الإعلامية للجيش، فإن العملية الأمنية نفذتها وكالة المخابرات الباكستانية، وقد تم تصميمها “بشكل مبتكر ومخطط بعناية، وتم تنفيذها بدقة امتدت على مدى أشهر في مواقع جغرافية مختلفة”، ولم يقدم البيان أي معلومات بشأن ملابسات العملية ومكان القبض.

ووفقا لصحيفة “دون”، فإن أنباء القبض على إمام ظهرت في نفس يوم اجتماع رفيع المستوى للجنة الأمن القومي برئاسة رئيس الوزراء شهباز شريف أول أمس الجمعة.

ويقول المحلل الأمني عامر رانا إنه في ما يتعلق بتفاصيل وملابسات الاعتقال فإن بعض التقارير ادعت أن إمام تم اعتقاله في سبتمبر/أيلول من العام الماضي في تركيا، لكن الأمر بقي غير مؤكد، والآن أعلن الجيش رسميا اعتقاله.

هدف عالي القيمة

يعتبر إمام من أهم القادة البلوش المطلوبين لباكستان، إذ تتهمه بتخطيط وتنفيذ عدد من الهجمات التي أودت بحياة مدنيين وجنود باكستانيين.

وهو زعيم جيش بلوشستان الوطني الذي تم تأسيسه في يناير/كانون الثاني 2022، والذي يعد حركة مسؤول عن عشرات الهجمات العنيفة في باكستان، بما في ذلك الهجمات في بانجور ونوشكي بإقليم بلوشستان في فبراير/شباط 2022، وسبقها في يناير/كانون الثاني هجوم في لاهور عاصمة إقليم البنجاب (شرق).

وتشترك الحركة في الأهداف والمطالب التي تطالب بها الحركات البلوشية الأخرى، وأهمها استقلال إقليم بلوشستان، والمطالبة باستثمار موارد اقتصادية أكبر في المنطقة، والتوقف عن استغلال الموارد الطبيعية لبلوشستان.

ظل جلزار إمام نائبا لبراهامداغ بوجتي في جيش بلوشستان الجمهوري حتى عام 2018 عندما تم إلغاء عضويته في الحركة، وانشق بفصيل مسلح عن جيش بلوشستان الجمهوري، وكان له دور فعال في تأسيس تحالف “بي آر إيه إس” الذي أُسس عام 2018، والذي يضم عددا من الجماعات والحركات القومية البلوشية المسلحة، وبقي رئيس عملياته.