وصفت صحيفة لوفيغارو (Le Figaro) الفرنسية المناورات التي قامت قوات البحرية الكورية الجنوبية والأميركية بأنها استعراض لقوة البلدين لم يسبق له مثيل منذ 5 سنوات، مشيرة إلى أن هدف واشنطن من ذلك هو طمأنة كوريا الجنوبية، التي تشعر بالقلق من الاندفاع النووي الهائل لجارتها الشمالية.
ولفتت إلى أن ذلك الاستعراض شمل حوالي 30 سفينة وحوامات تعمل بالهواء المضغوط ومركبات برمائية تتدفق نحو شاطئ هواجينغ، تحمل طليعة مشاة البحرية ببنادق هجومية ووجوه مموهة لتأمين رأس جسر على الشاطئ.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم مراسلها في آسيا سيباستيان فاليتي- أن هذه الفرقعة تلاها هبوط مركبات مدرعة من قوات المشاة البحرية الأميركية القادمة من سان دييغو، لتتواصل هذه المناورات على الساحل الشرقي لكوريا الجنوبية، أمام جيش من الكاميرات والمراسلين، وذلك في خضم التوترات المتصاعدة مع كوريا الشمالية بقيادة زعيمها كيم جونغ أون.
ولعل هذا التمرين الذي يحاكي الهبوط في شبه الجزيرة -كما يقول المراسل- “بروفة” محتملة “لحرب كورية ثانية”، رغم أنه استئناف لمناورات التنين المزدوج (Double Dragon) السنوية التي أوقفها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في قمة سنغافورة عام 2018، أيام شهر عسله مع زعيم كوريا الشمالية.
ويشارك حوالي 2200 من مشاة البحرية الأميركية في هذه المناورات العملاقة التي استمرت حتى الثالث من أبريل/نيسان بدعم من حاملة الطائرات يو إس نميتز (US Nimitz) التي أرسلت لعرض قوة “المظلة” الأميركية.
ويقول المقدم إريك أولسون إن “هذا التمرين يسهم في الاستقرار الإقليمي”، وهو يصر على الطبيعة “الدفاعية” لهذه المناورات “الروتينية” التي يدينها نظام بيونغ يانغ باعتبارها تحضيرا “للغزو”.
بيونغ يانغ في سباق
ولعل الأسطول الذي نشرته وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في هذه “التدريبات” يهدف إلى ردع الزعيم الثالث من عائلة كيم، ويسعى، في الوقت نفسه، إلى طمأنة الحليف الكوري الجنوبي القلق بشأن جاره النووي.
وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن قد علق على ما يجري في تلك المنطقة في حديث له أمام مجلس الشيوخ قائلا “نواصل تعزيز الأمن في شبه الجزيرة الكورية رغم استفزازات كوريا الشمالية”.
وفي سول، وبعد 70 عاما من إبرام الهدنة بين الأخوين العدوين في شبه الجزيرة، رفع الرئيس يون سوك يول صوته ووعد برد صارم على تصعيد الاختبارات الكورية الشمالية، بل إنه لوح “بقنبلة” كورية جنوبية مستقبلية إذا لم ترفع واشنطن من وسائل ردعها، في بيان صادم يهدف إلى ردع الشمال وتحفيز الحليف الأميركي في الوقت نفسه، حتى إن جنديا أميركيا أوضح أن “الوضع متوتر والمناخ السياسي في العاصمتين يغذي مخاطر الانزلاق”.
ووراء تحالف “صلب كالحديد” كما بدا أمام الكاميرات -وفق قول المراسل- يختلف الإستراتيجيون في سول وواشنطن حول حجم التهديد، إذ يعتقد الأميركيون أن قدراتهم كافية لردع كيم رغم التقدم المذهل لبرنامجه النووي، في حين يطلب الكوريون الجنوبيون مزيدا من الطمأنة.
وقد وعد الرئيس الأميركي جو بايدن “بردع مكثف” خلال زيارته لسول في مايو/أيار الماضي، في وقت دعا فيه تقرير جديد من الحزبين واشنطن إلى “إعادة التفكير في مقاربتها للمسألة النووية لكوريا الشمالية”.
وختم الكاتب بأن عددا متزايدا من الخبراء يعتقدون أن تحديث العقيدة الأميركية أصبح أمرا لا مفر منه في مواجهة كوريا الشمالية التي غدت قوة “نووية” بحكم الأمر الواقع، ويجادل هؤلاء “الواقعيون” بأنه بدلا من السعي غير المجدي وراء “نزع السلاح النووي” من شبه الجزيرة، على الحلفاء أن يركزوا جهودهم على أفضل السبل لاحتواء تهديد كيم.