قالت المحللة الفرنسية سيلفي كوفمان إن الصين تجد نفسها حاليا أمام تحد كبير يتمثل في ضرورة اتخاذ موقف واضح فيما يتعلق بالحرب الروسية على أوكرانيا، حيث تأمل موسكو في تلقي دعم عسكري من بكين، في حين يحذرها الغرب من عواقب ذلك.
وأضافت كوفمان في مقال لها بصحيفة “لوموند” (Le Monde) الفرنسية أن قبول الصين دعم روسيا بالسلاح سيقلب الأوضاع رأسا على عقب في حرب أوكرانيا، وهو ما جعل الولايات المتحدة تكشف بشكل استباقي كل أوراق التنين الأحمر، وتوضح منذ بداية فبراير/شباط الماضي أن بكين تستعد لتقديم السلاح لموسكو.
وأوضحت الكاتبة أن سياسة واشنطن بكشف المعلومات الاستخباراتية بخصوص خطط الخصوم بشكل استباقي أثبتت نجاحها، مثلما حدث عند كشف استعداد روسيا لشن الحرب على أوكرانيا، موضحة أن الهدف من ذلك خلط الأوراق، وشن الضغوط الضرورية لإفشال تلك الخطط.
صداقة أم تحالف؟
وقد نفى وزير الخارجية الصيني تشين غانغ هذا الأسبوع سعي بلاده لتقديم أسلحة لروسيا، وفق كوفمان، التي أضافت أن من بين الأسباب التي تمنع الصين من التحمس لتقديم أسلحة لروسيا؛ خشيتها من وقوع “تصعيد كارثي” في الحرب يؤثر سلبا على مصالحها.
وتحدثت كوفمان عن أن علاقة الصين مع روسيا هي علاقة أقرب للصداقة منها للتحالف، حيث تجمعهما معا مصالح اقتصادية وأمنية مشتركة، فضلا عن خصومتهما لما ترمز إليه الولايات المتحدة الأميركية، لكن لكل طرف منهما حساباته ومصالحه الإستراتيجية الخاصة.
الولايات المتحدة
أيضا، علاقة الصين مع الولايات المتحدة ليست على ما يرام، حيث اتهم الرئيس الصيني شي جين بينغ واشنطن بـ “إعاقة مسار التنمية” في بلاده عبر سياسة “التطويق والاحتواء”.
وتتحرك واشنطن مع حلفائها في شرق آسيا لضمان استقرار المصالح الإستراتيجية بالمنطقة، وهو ما يزيد من قلق بكين.
وتوضح كوفمان أن هذا القلق -وإن زادت حدته مع مشكلة تايوان- ليس سببا كافيا للتورط في ملف الحرب الأوكرانية لأن بكين تعلم أنها ستخسر أكثر مما تخسره حاليا روسيا.
الصين وأوروبا
وشددت الكاتبة الفرنسية على أن الصين تسعى حاليا لإعادة الدفء إلى علاقاتها مع أوروبا خاصة في المجال الاقتصادي على أمل إيجاد منفذ يساعد على “كسر” وحدة موقف الكتلة الغربية من الصين، علما أنه يوجد دول أوروبية قد تضطر لاتخاذ مواقف أكثر “ليونة” طمعا في جني منافع اقتصادية هي في أمسّ الحاجة إليها.
ووفق كوفمان، فإن الحل الوحيد أمام الصين هو أن تتخذ موقفا واضحا محسوما من الحرب الأوكرانية، حتى يكون بإمكان الأوروبيين بناء مواقفهم على أرضية صلبة واضحة بعيدة عن التخمينات، لأن سياسة اللعب على الغموض لن تكون أبدا في صالح بكين خاصة إذا ازدادت الأوضاع تدهورا وقدمت الصين مساعدات عسكرية لروسيا.