شهد حلف شمال الأطلسي (ناتو) أكبر توسّع له شرقا في 29 مارس/آذار 2004 إثر انضمام 7 دول إلى صفوفه، وهي بلغاريا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا وإستونيا، التي تقع على طول حدود مجال الاتحاد السوفياتي السابق.
وذكر تقرير -نشره موقع “نيوز ري” الروسي- أن الناتو أصبح منذ ذلك التاريخ أكثر قربا من الحدود الروسية، حيث تبلغ المسافة الفاصلة بين نارفا الإستونية وسانت بطرسبورغ 134 كيلومترا فقط، وظل الغرب يتجاهل كل تحذيرات روسيا.
وأضاف أن منطق الحرب الباردة دفع الولايات المتحدة إلى توحيد دول أوروبا الغربية في كتلة عسكرية قوية من أجل زيادة الفعالية القتالية لجيوش هذه الدول عن طريق توحيد الأسلحة والأنظمة الأساسية، وأصبحت الولايات المتحدة المورد الرئيسي للأسلحة إلى أوروبا.
التوسعات الأولى للحلف
وبعد تأسيس حلف الناتو، أبرم الأميركيون عام 1951 معاهدة “أنزوس”، وهي عبارة عن تحالف عسكري يضم الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا.
وحدثت أول موجتي توسع بين 1952 و1955 بضم اليونان وتركيا وألمانيا الغربية.
ويوضح التقرير أنه في عام 1959، نشرت الولايات المتحدة صواريخ باليستية متوسطة المدى من طراز “جوبيتر” في تركيا، وقادرة على استهداف الأراضي الروسية بسهولة، مما شكل تهديدا واضحا لأمن الاتحاد السوفياتي.
وردا على خطوات واشنطن، أمرت موسكو بنشر الصواريخ السوفياتية في كوبا، الأمر الذي مهّد لبداية أزمة الصواريخ التي دفعت العالم إلى حافة حرب عالمية ثالثة.
وأورد الموقع أن موجة التوسع الثالثة حدثت مع انضمام إسبانيا إلى الحلف عام 1982، ولكنها لم تدرج في هيكله العسكري إلا عام 1997.
وأضاف أنه في عام 1990، توحّدت ألمانيا من جديد، ونظرا لعدم فرض القيادة السوفياتية شروطا مقابل الانسحاب من ألمانيا الشرقية، دُمجت الدولتان وفق السيناريو الغربي، وصفيت الهيئات الحكومية لألمانيا الشرقية، وحُل الجيش والبحرية، مما فتح الباب أمام التوسع التلقائي لأراضي الناتو إلى حدود بولندا.
وفي يوليو/تموز 1991، وقبل انهيار الاتحاد السوفياتي بأشهر، توقّف نشاط الكتلة العسكرية السوفياتية (منظمة حلف وارسو)، وبالتالي اختفاء التهديد الذي كان سبب تأسيس حلف الناتو.
ما بعد وارسو
مع ذلك، استمر حلف الناتو وتبنى في نوفمبر/تشرين الثاني 1991 مفهوما إستراتيجيا جديدا جاء فيه أن أوروبا تواجه عدم استقرار يهدد أمن جميع أعضاء الحلف.
وعقب ذلك، تأسس مجلس الناتو الذي كُلف بإقامة صلة بين الحلف ودول أوروبا الشرقية التي استقلت عن الاتحاد السوفياتي. وبعد انطلاق موجات جديدة من التوسع بات ولاء أوروبا الشرقية للأميركيين جليا للعيان.
وخلال التسعينيات، حذرت بعض الجهات -بما في ذلك الأميركية- من أن الاستعداد لقبول انضمام جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا إلى حلف الناتو يمثل خطوة غير ودية تجاه روسيا وستكون عواقبها وخيمة.
مع ذلك، تجاهلت إدارة الرئيس الأميركي آنذاك بيل كلينتون هذه التحذيرات، وعدّت روسيا دولة ضعيفة يتعين عليها قبول فقدان نفوذها على المسرح العالمي، حسب موقع “نيوز ري”.
وفي 1999، شملت الموجة الرابعة من توسّع الناتو المجر وبولندا وجمهورية التشيك. في المقابل، وقفت روسيا مكتوفة الأيدي تجاه هذه التحولات لعدة أسباب، من بينها عدم اقتراب الناتو من الحدود الروسية بعد.
وفي يونيو/حزيران عام 2000، وبعد فترة وجيزة من إعلانه رئيسا للبلاد، طلب فلاديمير بوتين -خلال لقاء جمعه مع بيل كلينتون- قبول انضمام روسيا إلى الحلف، وهي مبادرة تجاهلتها الولايات المتحدة.
وفي 29 مارس/آذار 2004، وبعد ضم بلغاريا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا وإستونيا إلى الحلف، في إطار الموجة الخامسة من التوسع، اقترب الحلف أكثر من أي وقت مضى من الحدود الروسية؛ الأمر الذي دفع روسيا للتساؤل عن حدود توسع هذه الكتلة.
وأشار الموقع إلى أن روسيا اتبعت سياسة ودية تجاه الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي طوال تلك السنوات، لكن ذلك لم يمنع تنفيذ توسع جديد عام 2008 عن طريق ضم كرواتيا وألبانيا في إطار الموجة السادسة من التوسع، مع إبداء استعداد لقبول أوكرانيا وجورجيا.
وأكد موقع “نيوز ري” أن سياسة الولايات المتحدة عكست عدم استعدادها لأخذ مصالح موسكو بعين الاعتبار، واعتزامها مواصلة بناء “حاجز وقائي” عن طريق الدول غير الصديقة لروسيا، العامل الذي سرّع تدهور العلاقات بين روسيا والناتو.
خطاب ميونخ
وحذر بوتين في خطاب له عام 2007 في ميونخ من أن جهود الولايات المتحدة أسفرت عن بناء عالم أحادي القطب يهدف إلى تعزيز الهيمنة الأميركية وقمع سيادة الدول الأخرى، مشيرا إلى اقتراب الناتو من الحدود الروسية خلافا للاتفاقات التي تم التوصل إليها بشأن عدم توسع الكتلة شرقًا.
ومع تدخل روسيا في أغسطس/آب 2008 في النزاع بين جورجيا وأوسيتيا الجنوبية، توقفت عملية انضمام جورجيا إلى الناتو، وهو دليل على أن الولايات المتحدة تجيد فقط لغة القوة، كما يوضح الموقع الروسي.
ومع ذلك، حافظت الولايات المتحدة على سياستها تجاه أوكرانيا ودعمت رغبة كييف في الانضمام إلى الحلف.
وبين 2013 و2014، ومع ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، وإعلان جمهوريتي “دونيتسك الشعبية” و”لوغانسك الشعبية” استقلالهما بشكل أحادي؛ أعلنت كييف وجودها في حالة حرب مع روسيا، مطالبة الولايات المتحدة بقبول انضمام أوكرانيا إلى الناتو.
وأوضح تقرير “نيوز ري” أنه عقب انتخاب فولوديمير زيلينسكي رئيسا لأوكرانيا أصبح مسار الانضمام إلى الناتو أكثر وضوحا. وفي ظل تجاهل قيادة الحلف موقف روسيا من هذه المسألة، لم يتبق أمام روسيا خيار غير تنفيذ العملية العسكرية داخل الأراضي الأوكرانية.