تعد روسيا الشريك العسكري الرئيسي للصين تاريخيا، ولا يزال التعاون الصيني الروسي قويا، كما يتضح من مناورات فوستوك في سبتمبر/أيلول 2022 أو العديد من المناورات البحرية الأخيرة الأخرى بين البلدين، لكن هل بدأ التلميذ يتجاوز معلمه؟
سؤال ناقشته صحيفة “لوفيغارو” (Le Figaro) الفرنسية في تقرير لها أبرزت في بدايته زيارة شي جين بينغ لموسكو وتوقيعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفاقية وصفاها بأنها تدشن “حقبة جديدة” في علاقاتهما التي تشهد على المستوى العسكري انقلابا متزايدا في ميزان القوى.
وقالت الصحيفة إن “الحقبة الجديدة” للعلاقات الروسية الصينية تبدأ باختلال واضح على المستويين العسكري والتكنولوجي، إذ ما فتئ التفوق العسكري الروسي يتضاءل مع تنامي الاستثمارات الضخمة لبكين في صناعة الدفاع.
ولفتت لوفيغارو في هذا الإطار إلى إعلان بكين في بداية مارس/آذار زيادة 7.3% في ميزانيتها العسكرية، وهي زيادة “تتماشى مع الطموحات العسكرية للصين لأن جيشها يتم تحديثه ولكنه لم ينضج بعد”، كما يؤكد ذلك مارك جوليان الباحث ورئيس الأنشطة الصينية في مركز آسيا التابع للمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (IFRI).
وأبرزت الصحيفة أن موسكو التي كانت شريكا رئيسا لبكين أضحى يتجاوزها تدريجيا “التلميذ” الصيني، وهو ما يثير قلق روسيا بشأن تلاشي هيمنتها التكنولوجية والعسكرية.
وشدد جوليان على أن الصين استغلت خلال عقد من الزمن تعاونها المكثف مع روسيا أولا وقبل كل شيء، وعلى نطاق واسع القاعدة الصناعية والتكنولوجية الدفاعية الروسية التي كانت خاملة”، مشيرا إلى أن موسكو أدركت بسرعة أن الصين كانت تمارس الهندسة العكسية، أي إنها كانت تشتري مواد روسية لدراستها ثم نسخها، وهو ما تجسد في الطائرة الصينية “J-11” المستوحاة إلى حد كبير من الطائرة الروسية “SU-27”.
والواقع، حسب لوفيغارو، أن الجيش الروسي الذي لا يتجاوز عدد أفراده 700 ألف جندي وبميزانية 61 مليار دولار سنويا لا يمكن مقارنته بجيش التحرير الشعبي الصيني ورجاله البالغ عددهم مليوني جندي بميزانية تحوم حول 225 مليار دولار سنويا.
وأضافت أن الجيش الروسي ركز على الإصلاح الداخلي الذي بدأ في عام 2008 وأعطى الأولوية لتحديث قوته الاستكشافية التي سُحقت إلى حد كبير في أوكرانيا، أما الصين فقامت بتحديث أسطولها البحري والجوي لتكون على أهبة الاستعداد في حالة حدوث مواجهة حول تايوان.
ويقول مارك جوليان “باختصار، يمر الجيش الروسي في القرن الـ21 بمرحلة من الاضمحلال، بينما يعزز الجيش الصيني قوته ويحدّث عتاده ويسعى للقضاء على الترهل في صفوفه، ولكن الجيش الصيني الساعي إلى الارتقاء إلى مستوى أعلى يمكنه أن يستفيد من الخبرة الروسية”.