لندن- بدأ أعضاء الحزب الوطني الأسكتلندي (SNP)، البالغ عددهم نحو 100 ألف شخص، التصويت لاختيار رئيس وزراء جديد بعد استقالة رئيسة الوزراء نيكولا ستورجن.
ويتنافس 3 مرشحين على هذا المنصب، وهم وزير الصحة ذو الأصول المسلمة حمزة يوسف، ووزيرة الخزانة كيت فوربس، ووزيرة الشؤون المحلية آش ريغان، إلا أن كل التوقعات تفيد بانحسار المنافسة بين يوسف وفوربس، وهما وإن كانا ينتميان لنفس الحزب، فإنهما يشكلان خطين سياسيين على طرفي نقيض.
وستكون هذه الانتخابات تاريخية بامتياز، ففي حال فوز حمزة يوسف، فإنه سيكون أول رئيس وزراء مسلم في تاريخ أسكتلندا وأوروبا، أما في حال فوز كيت فوربس، فإنها ستكون بذلك أصغر رئيسة وزراء في تاريخ البلاد وعمرها لم يتجاوز 32 عاما.
وتتحكم 3 ملفات أساسية في اختيار قواعد الحزب الوطني الأسكتلندي لزعيمهم الجديد، وهي ملف الانفصال عن المملكة المتحدة، وقضية قوانين الشواذ والأقليات الجنسية، والأزمة المعيشية التي تعيشها البلاد.
صراع محتدم
في آخر استطلاع رأي أنجزته مؤسسة “إبسوس” (Ipsos)، حول المرشح الأوفر حظا للفوز في الانتخابات، ظهر نوع من التباين بين توجه الأسكتلنديين بصفة عامة، وبين توجه الكتلة الناخبة للحزب الوطني الأسكتلندي على وجه الخصوص.
وكشف الاستطلاع عن أن كيت فوربس تتقدم على حمزة يوسف بـ8 نقاط فيما يخص رأي المواطنين الأسكتلنديين حول المرشح المفضل لديهم للفوز برئاسة الوزراء. في المقابل، هناك تقارب بين المرشحين فيما يخص نوايا التصويت داخل الحزب الوطني الأسكتلندي، حيث كشف 33% من أعضاء الحزب أنهم سيصوتون لحمزة يوسف، مقابل 32% لصالح كيت فوربس.
ويحظى حمزة يوسف بدعم قوي من طرف زعيمة الحزب نيكولا ستورجن، التي ترى فيه استمرارا لمشروعها، خاصة ما يتعلق بالانفصال، في المقابل تحظى كيت فوربس بثقة الكتلة المحافظة داخل الحزب.
ومن المتوقع أن يخفق المرشحون الثلاثة بالحصول على نسبة 50% المطلوبة، الأمر الذي يعني الذهاب لجولة انتخابات ثانية مع استبعاد المرشح الأقل نيلا للأصوات في الجولة الأولى.
الشذوذ وتغيير الجنس
ومن المفارقات التي تشهدها هذه الانتخابات هيمنة موضوع الشذوذ وقانون تغيير الجنس على النقاشات بين المرشحين للانتخابات، ولا سيما بعد استعمال الحكومة البريطانية لحق النقض (الفيتو) لإسقاط قانون أقرته حكومة نيكولا ستورجن الذي يسمح للأطفال في سن 16 عاما بتغيير جنسهم دون موافقة الوالدين ودون موافقة طبية.
وبينما يقدم حمزة يوسف نفسه كمدافع عن حقوق الأقليات الجنسية والشواذ، والدفاع عن زواج الأشخاص من نفس الجنس، فإن منافسته كيت فوربس تقف على النقيض من ذلك تماما، حيث أعلنت صراحة أنها لا تؤيد زواج الأشخاص من نفس الجنس، وكذلك ترفض فكرة الإنجاب خارج إطار الزواج، كما ترفض قانون تسهيل عمليات تغيير الجنس.
وتنهل كيت فوربس مواقفها -في هذه القضية- من نشأتها وتلقيها تربية كنسية محافظة، وهو ما رفع شعبيتها في صفوف الكتلة المحافظة في أسكتلندا، في مقابل إعلان هيئات الدفاع عن الشواذ دعمها لحمزة يوسف.
وهكذا تحول الصراع بين المرشحين إلى صراع بين تيار تطلق عليه الصحافة الأسكتلندية “التيار التقدمي” الذي يمثله حمزة يوسف، وبين “التيار المحافظ” الذي تمثله كيت فوربس.
عقيدة الانفصال
أما عن قضية الانفصال عن بريطانيا، فقد انتقل حمزة يوسف للسرعة القصوى في موضوع الانفصال عندما أعلن -في آخر مناظرة انتخابية مع باقي المرشحين- أنه في حال وصوله لمنصب رئيس الوزراء، فإنه سيعلن تنظيم انتخابات مبكرة ويضمن أغلبية مطلقة تزيد على 60% بالتحالف مع حزب الخضر، وبعدها سيجري استفتاء انفصال عن بريطانيا.
وبات حمزة يوسف يمثل الخط الأكثر تشددا في التعامل مع مسألة الانفصال عن المملكة المتحدة، مشترطا لتحقيق ذلك حصوله على دعم أغلبية الأسكتلنديين، في حين تقول كيت فوربس إنها ستسعى للانفصال لكن عندما تنضج شروطه، وترى أن الاستفتاء يمكن أن ينتظر لـ6 سنوات مقبلة دون الدخول في مواجهة مع لندن الآن.
وإذا ما تمكن حمزة يوسف من الفوز ووصوله إلى رئاسة الوزراء، فإنه سيكون بذلك قد حقق إنجازا تاريخيا كأول شخص “مسلم” يصل لهذا المنصب في كل أنحاء أوروبا، ليمضي بذلك على خطوات رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الذي دخل التاريخ كأول رئيس وزراء بريطاني من أصول آسيوية.
ورغم ذلك، يبدو أن المقارنة مع مصير سوناك قد تكون محفوفة بالمخاطر، فخلال المنافسة بين ريشي سوناك وليز تراس على زعامة حزب المحافظين، ورغم أن قيادة الحزب كانت مع سوناك، فقد اختارت القواعد ليز تراس على حساب سوناك، لاعتبارات أيديولوجية يحركها الميل للشخص الأبيض تفضيلا على “الأجنبي”.
وبناء على ذلك، فقد يقع حمزة يوسف ضحية ذات العقلية، خاصة إن انحسرت المواجهة بينه وبين كيت فوربس، حيث قد تختار القواعد كيت رغم مناصرة القيادة ليوسف.