أفاد موقع “ميدل إيست آي” (Middle East Eye) البريطاني، نقلا عن وكالة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي، أن المصريين هم أكثر الجنسيات التي تغامر بعبور البحر الأبيض المتوسط، إذ شكلوا 20% من إجمالي العابرين إلى القارة الأوروبية خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2022.
وأورد الموقع في تقرير أعدته الكاتبة كاثرين هيرست، قصصا لمعاناة عدد من الشبان المصريين الذين خاطروا بكل شيء من أجل الوصول إلى البر الأوروبي. ولم تشأ الكاتبة ذكر أسمائهم الأصلية مستخدمة بدلا من ذلك أسماء مستعارة “لحماية هوياتهم”، كما تقول.
ومن بين هؤلاء الذين تمكنوا من العبور إلى إيطاليا، شاب أطلق عليه الموقع البريطاني اسم روماني الذي كان يعمل في وطنه مصر مورِّد أخشاب قبل أن يُقدم على خوض مغامرة السفر إلى أوروبا.
ووفقا للتقرير، فقد وجد روماني نفسه على متن قارب غير صالح للإبحار يبلغ طوله 8 أمتار مع 48 آخرين عندما عبر البحر الأبيض المتوسط من شمال أفريقيا إلى إيطاليا، “التي تعد أخطر الحدود البحرية في العالم”.
“كنا مثل السردين في علبة، الواحد فوق الآخر”، هكذا صف روماني الوضع في القارب الذي أقلهم إلى إيطاليا.
وذكرت كاتبة التقرير أنها تحدثت إلى روماني ورجلين آخرين عبروا إلى إيطاليا من ليبيا التي وصلوها من مصر. وقالت إنها استعانت في حديثها معهم بمترجم ومهاجر مصري يدعى شكري من مقر صغير للمهاجرين في مدينة ميلانو.
وقال روماني “أنا الآن في مأوى وأبحث عن عمل.. لا بد لي من العمل للحصول على المال لإرساله إلى أطفالي. ولا يمكنني العودة قبل -على الأقل- تأمين مستقبلي”.
أما الرجلان الآخران (محمد وأحمد) فهما من بلدة أبنوب على الضفة الشرقية لنهر النيل في جنوب مصر. وكشف محمد أنه أقدم على السفر فرارا من ثأر عائلي، وهي ظاهرة متفشية في صعيد مصر.
لماذا يهاجر المصريون؟
ووفق تقرير الموقع البريطاني، فإن قصص هؤلاء الرجال ليست حوادث منعزلة، لكنها تلخص فرار أعداد متزايدة من المصريين من بلدهم عبر طرق التهريب إلى شوارع ليبيا التي مزقتها الحرب، ومن هناك عبر البحر إلى أوروبا في زوارق متهالكة.
وطبقا لدراسة أجرتها المنظمة الدولية للهجرة في الفترة ما بين ديسمبر/كانون الأول 2021 ويناير/كانون الثاني 2022، فإن معظم المهاجرين المصريين في ليبيا يأتون من شمال شرق البلاد، وينحدرون أساسا من محافظات المنيا وأسيوط والفيوم والبحيرة.
وعزا موقع “ميدل إيست آي” أسباب هجرة المصريين إلى “الفقر المدقع”، حيث أدى ارتفاع تكاليف المعيشة إلى تآكل شبكة الأمان المتداعية بالفعل في مصر، مما أدى إلى تراجع المستوى المادي لنحو 60 مليون شخص فأصبحوا تحت خط الفقر وأجبر العديد منهم على عبور الحدود إلى ليبيا.
وثمة سبب آخر، هو “العنف” الذي يعد من العوامل التي تدفع المصريين إلى مغادرة وطنهم. ونقل الموقع عن مركز مراقبة النزوح الداخلي (IDMC) في جنيف، أن هناك ألف حالة نزوح جديدة بسبب العنف في مصر.
ووثقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” حالات اختفاء قسري وعمليات إعدام خارج نطاق القضاء حدثت بشكل واسع في إطار “حرب جهاز الأمن الوطني على الإرهاب”.
وأوضح الموقع البريطاني في تقريره أن الحملة، التي ظل الجيش المصري يشنها طيلة 8 سنوات ضد فرع تنظيم الدولة الإسلامية في شمال سيناء، أسفرت عن حصيلة مرتفعة من القتلى ونزوح ما يقدر بنحو 100 ألف من سكان تلك المنطقة البالغ عددهم 450 ألفا.
يقول أحمد (20 عاما) -وهو أصغر الشبان الثلاثة في مركز اللاجئين بمدينة ميلانو- إنه اضطر إلى الاستعانة بعصابات التهريب للعبور إلى ليبيا، ودفع ما يعادل 150 دولارا مقابل مروره مدة 5 ساعات سيرا على الأقدام عبر الحدود إلى ليبيا.
وليس هناك معبر حدودي رسمي سوى منفذ السلوم البري. والحدود المصرية الليبية شاسعة ويصعب اختراقها في الغالب بسبب وعورة تضاريسها.
كما تعد الحدود البحرية موقعا لأكبر عدد من حالات اختفاء المهاجرين، حيث يقدر عدد الأشخاص الذين غرقوا أو اختفوا في المياه بحوالي 12 ألف شخص.