أكد مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times) الأميركية أن الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية السيئة السائدة حاليا في العراق لم تكن هي الصورة التي ينشدها العراقيون بعد إسقاط الغزو الأميركي البريطاني لنظام صدام حسين قبل 20 عاما.
وكشف المقال أن الكثير من العراقيين يرون المستقبل الاقتصادي للبلاد قاتما، إذ لم تظهر نتائج اقتصادية إيجابية على الرغم من المداخيل الهائلة للثروة النفطية؛ إذ تم إهدار جزء كبير منها في مشاريع كبرى غير مكتملة، وفقدت نسبة أخرى بسبب الفساد المستشري، في حين تنفق نسبة كبيرة من المداخيل على القطاع العام الذي أصبح أملا للعراقيين للنجاة من قبضة الفقر.
ونقلت الصحيفة عن مهندس اتصالات قوله إن الراتب الذي يتقاضاه (620 دولارا) بالكاد يكفيه لنهاية الشهر، مشددا على أن العراقيين يعلمون أن بلدهم غني وله ثروات هائلة، غير أنهم لا يستفيدون من تلك الخيرات مثلما أملوا بعد إسقاط نظام صدام حسين.
خط الفقر
ووفق نيويورك تايمز، فإن أرقام وزارة التخطيط العراقية تؤكد أن نحو ربع العراقيين يعيشون إما عند أو تحت عتبة خط الفقر. ويقدر البنك الدولي عتبة خط الفقر حاليا بنحو 2.15 دولارين للفرد في اليوم الواحد.
وأوضحت الصحيفة أن الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للعراقيين حاليا هو الفساد المستشري، والذي تجذّر بسبب نظام التوزيع الطائفي للسلطة. وتصنف منظمة “الشفافية الدولية” (Transparency International) العراق في المرتبة 157 من أصل 180 دولة، ضمن مؤشر الفساد.
وأكد المقال أن العديد من العراقيين يتهمون المليشيات المسلحة وإيران بتقويض سيادة العراق وديمقراطيته، حيث إن العديد من تلك المليشيات مرتبطة بأحزاب سياسية وتعمل خارج القيادة العسكرية العراقية.
كما يشددون على أن نظام المحاصصة الطائفية في الحكم الذي وضعه الأميركيون قد قوض منذ البداية أي أمل في نظام حكم ديمقراطي.
غنائم السلطة
ونقل المقال عن المحلل السياسي سجاد جياد قوله إن الحكومة هي الآن عبارة عن “تحالف مجموعة متنافسين” يعمل لأجل تقاسم الغنائم الحكومية، وهو ما يعطي فكرة عن صعوبة إدارة الدولة على هذا الأساس.
وضرب المقال مثلا على ذلك الفساد بـ”سرقة القرن”، حيث اتضح أن 2.5 مليار دولار سرقت مؤخرا من الأمانات الضريبية، ونسبة كبيرة من ذلك المبلغ الكبير نقلت إلى خارج البلاد. وقد أمر القضاء العراقي باعتقال عدة مسؤولين بارزين على ذمة هذه القضية التي أثارت ضجة كبرى داخل العراق وخارجه.
وذكر مقال نيويورك تايمز أن من أوجه الأزمة في العراق مشكلة البطالة، حيث يؤكد العراقيون أنه للحصول على وظيفة حكومية لا بد من واسطة رفيعة في وزارة أو ضمن حزب سياسي، أو دفع مبلغ من المال لشخص معين في حزب أو في الدائرة التي يريدون العمل فيها.
اضطرابات أمنية
أمنيا، ما يزال الكثير من العراقيين يعانون من أحداث عنف طائفي كما هو الحال في محافظة ديالى شمال شرق البلاد، وقالت نيويورك تايمز إن أكثر من 40 شخصا لقوا حتفهم بالمحافظة، في جرائم قتل طائفي منذ يناير/كانون الثاني الماضي.
كما أن التهديد الأمني من تنظيم الدولة ما يزال قائما.
وأكد مقال الصحيفة الأميركية أن ضعف الدولة العراقية بعد الغزو الأميركي جعلها أرضا خصبة للقوى الإقليمية والأجنبية لحماية مصالحها الإستراتيجية، مبرزا أن النظام الإيراني أثبت أنه الأكثر براعة في استغلال فراغ السلطة إثر سقوط نظام صدام حسين.