لندن- كشفت شرطة لندن “متروبوليتان” الأسبوع الماضي عن تقرير جديد يشير إلى أن أكثر من 1500 ضابط شرطة بالمملكة المتحدة متهمون بارتكاب جرائم عنف ضد النساء والفتيات، مقابل محاسبة أقل من 1% من المتهمين.
وشمل التقرير العديد من التجاوزات من بينها التحرش والاعتداء وإساءة استخدام السلطة، كما أعلنت الشرطة أن ما يقرب من نصف الشكاوى و3 أرباع قضايا السلوك لم يتم الانتهاء من البت فيها وقت جمع بيانات التقرير.
وكشفت البيانات، الصادرة في تقرير تقييم الأداء، أنه بين أكتوبر/تشرين الأول 2021 ومارس/آذار 2022، تم الإبلاغ عن 653 حالة سلوك شائن من قبل 672 من عناصر الشرطة، وأن جميعها تتعلق بالعنف ضد النساء والفتيات من قبل قوات الشرطة بإنجلترا وويلز، بالإضافة إلى شرطة النقل البريطانية (BTP).
وخلال المدّة نفسها، تم تسجيل 524 حالة شكوى عامة ضد 867 من أفراد الشرطة، وهو ما يعادل 0.7% من قوة العمل الشرطية التي تم توظيفها في مارس/آذار 2022.
الاعتداء الجنسي
ووجد التقرير أن أكثر أنواع قضايا السلوك شيوعا هي السلوك الشائن (48%) يليه الاعتداء الجنسي (19%) والتحرش الجنسي (13%).
وتثير هذه الأرقام مخاوف بشأن انتشار هذا السلوك داخل قوات الشرطة، وتسلط الضوء على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية، وهو ما دفع ماجي بليث نائبة رئيس الشرطة إلى التحقيق مع المتورطين، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية للحد من الجرائم والسلوك الشائن ضد النساء والفتيات.
كما تابعت العديد من الجهات المعنية تقييمات أداء أجهزة الشرطة بشكل مكثف، خاصة بعد فضيحة مقتل المواطنة سارة إيفرارد بعد اغتصابها ثم حرق جثتها على يد شرطي -كان في الخدمة وقتها- يعرف باسم واين كوزينز، والذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة.
وقد شجع تداول قضية إيفرارد المزيد من ضحايا الشرطي المدان كوينز، للتقدم ببلاغات عن وقائع سابقة عدة لم يبلغوا عنها خوفا من سطوته، وقد تم بالفعل إدانته بـ 3 جرائم، أول أسبوع من مارس/آذار الجاري، وحكم عليه بالسجن 19 شهرا في تلك التهم الجديدة.
العِرق والجنس
ورُفع الستار عن تقرير البارونة البريطانية لويس كاسي، أمس الأول، والذي شمل تحقيقا استمر حتى 1.5 عام بشكل مستقل ليراجع كافة إجراءات شرطة متروبوليتان، وكشف عن ثقافة متغلغلة من التنمر والتمييز، وأن العنصرية ضد النساء سمة مؤسسية لا تزال متفشية داخل جهاز الشرطة.
وكشف تقرير كاسي أن 22% من الضباط ضحايا تعرضوا شخصيا للتنمر، منها قيام أحد أفراد الشرطة بحشو حذاء زميله المسلم بلحم الخنزير المقدد، وقد سلطت الدراسة الضوء أيضا على أوجه القصور المنهجية في التعامل مع الجرائم ضد النساء وخاصة الفتيات.
وأظهر التقرير تقاطعات العرق والجنس وغير ذلك من أشكال عدم المساواة التي تترك النساء والفتيات السود والمستضعفات والقاصرات يواجهن معدلات غير متناسبة من العنف، وأشارت الأرقام الواردة فيه إلى أن ضحايا الاغتصاب في لندن من البشرة الداكنة هم ضعف الضحايا من البيض، ومن المرجح أن يكون ضحايا العنف المنزلي بنفس النسبة.
كما أبرز أن العنف موجه للنساء عموما حتى أفراد الشرطة من النساء تعرضن للاعتداء الجنسي من قبل ضباط ذكور برتب أعلى، كما أشار التقرير إلى حوادث إذلال وتبول على أشخاص واغتصاب في الحمامات، وفضح قضية تعمد تدمير ثلاجات تحتوي على أدلة قضايا اغتصاب.
وخلص التقرير إلى أن المنظومة الشرطية في متروبوليتان تفتقر إلى إمكانات المساءلة والشفافية، مع وجود عوائق تمنع التدقيق، وأكدت البارونة كاسي أنه إذا لم يتم إحراز تقدم، فيجب النظر في الخيارات الهيكلية الجذرية.
الضحايا لا يشتكين
تواصلت الجزيرة نت مع المكتب الإعلامي لتحالف “إنهاء العنف ضد النساء” (End Violence Against Women) للرد على تلك التقارير، حيث أكد “نرحب بتركيز التقارير على تحسين وصول النساء والفتيات إلى السلامة والعدالة ضمن التوصيات المشمولة في برنامَج سوتيريا (soteria) التي تتألف من مجموعات مختصة فقط في التعامل مع الاغتصاب والجرائم الجنسية الخطيرة”.
وتعد “سوتيريا” خدمة متخصصة في قضايا العنف المنزلي لإيجاد المزيد من التركيز على الضحايا النساء والعمل عن كثب وبطريقة أكثر تكاملا مع خدمات العنف المنزلي المتخصصة من خارج قوات الشرطة.
وأشارت رسالة التحالف المفصلة إلى أن الغالبية العظمى من الناجيات من العنف لا يسعين للحصول على العدالة عبر نظام العدالة الجنائية، بل إنهن لا يُقدِمن على تقديم الشكوى من الأساس، وينطبق هذا بشكل خاص على القاصرات والمهاجرات الملونات والمهمشات.
بدروها، علقت أندريا سيمون مديرة تحالف إنهاء العنف ضد المرأة (EVAW) حول ما وصفته بكراهية النساء المؤسسي والعنصرية بشرطة العاصمة، مشيرة إلى أنه ينبغي أن تؤدي تلك التقارير والبيانات إلى تحول ملموس في نهج الشرطة بالمملكة المتحدة.
وفي حديثها للجزيرة نت، أشادت سيمون بتوصيات تقرير البارونة كايسي فيما يتعلق بالشفافية والمساءلة والقيادة، لكنها شددت على الحاجة إلى إجراءات ملموسة تخص تجارب النساء والفتيات اللواتي يبحثن عن الأمان والعدالة.
وأعربت عن قلقها من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مؤخرا، بما في ذلك مشروع قانون النظام العام (المقرر تفعيله بزيادة مساحات سلطات الشرطة، والسعي لزيادة أعداد ضباط الشرطة) واعتبر تهديدا لحقوق الإنسان، مؤكدة أنه يجب تجنيد المرشحين المناسبين والاحتفاظ بهم، كما أنه لا يمكن زيادة صلاحيات الشرطة والعاملين بها والمؤسسة كليًّا تخضع للمساءلة.