يرى كاتب المقال أن المشاكل الاقتصادية في معظم الدول الغربية، التي تعاني بسبب تغير البنية السكانية، تنبع من الخوف من المهاجرين.
تناولت مجلة فورين بوليسي (Foreign Policy) الأميركية في مقال تحليلي أحد أبرز المشاكل التي تواجه المجتمعات الغربية، وهي معضلة الخلل السكاني، ومدى تأثيرها على حياة الناس في أوروبا وأميركا الشمالية.
وذكرت المجلة أن ثمة قاسما مشتركا واحدا يربط بين إصلاح نظام التقاعد في فرنسا، وروبوتات رعاية المسنين في إيطاليا، وعمالة الأطفال في أركنساس بالولايات المتحدة، وهو الخوف من الهجرة.
ويتساءل كاتب المقال، هوارد دبليو فرينش، عن علاقة فرنسا -التي تمور بالاحتجاجات المناهضة لإصلاح نظام التقاعد التي اقترحها الرئيس إيمانويل ماكرون- بما يسميه تحول إيطاليا “اليائس” إلى الروبوتات، أو استغلال المصانع في الولايات المتحدة لعمالة الأطفال.
وأرجع السبب في ذلك إلى الحقائق الديمغرافية القاسية التي تضطر فرنسا إلى التأقلم معها، مما يضع ضغوطا هائلة على أنظمة الضمان الاجتماعي والتقاعد وتثير التساؤلات.
ويعتقد فرينش -وهو كاتب عمود بالمجلة ويعمل أيضا أستاذا في كلية الدراسات العليا للصحافة بجامعة كولومبيا الأميركية- أن مشكلة فرنسا في جزء منها تكمن في أن شعبها يعيش حياة أطول على عكس الأميركيين الذين يشهد متوسط أعمارهم انخفاضا حادا.
إن العيش لفترة أطول يعني أن يكون الكثيرون بحاجة إلى الاعتماد على الدعم المالي للدولة لفترة أطول، وهذا بدوره يتسبب في ضغوط مالية متزايدة بشكل مطرد على الدولة. وهو الحال نفسه الذي تعاني منه إيطاليا ودول أوروبية أخرى.
وفي الدول الغنية التي بدأت تواجه خطر المعضلة الديمغرافية، شرعت قلة منها في البحث عن مجالات أخرى للتخفيف من حدة المشاكل المالية الوشيكة التي ستجلبها التحولات الجذرية في التركيبة السكانية، وفق ما ورد في المقال.
الحل يكمن في فتح باب الهجرة
وأعرب فرينش عن اعتقاده أن المجتمعات الغربية ستبذل قصارى جهدها لتجنب الحل الذي يعد “الأسهل والأكثر إنسانية”، وهو فتح باب الهجرة أمام الشباب من أجزاء من العالم، وبخاصة من أفريقيا.
ومن خلال فتح باب الهجرة يمكن ضرب عصفورين بحجر واحد، كما يقول الكاتب، ذلك بأن إتاحة الفرصة لمزيد من الناس للمشاركة في الاقتصاد العالمي، يساعدهم في تحقيق أمنهم الاقتصادي والارتقاء بأنفسهم، كما يساهم في الاستقرار المالي والازدهار العام للأماكن التي يهاجرون إليها.
على أن المفارقة القبيحة -حسب وصف الكاتب- تتمثل في أن أكبر احتياطيات للعمالة الشابة والحيوية والطموحة في العالم توجد في قارة أفريقيا التي يبلغ متوسط الأعمار فيها 19.7 عاما فقط، “وهو ما يثير نفور الأغنياء” في الغرب.
لكن في عالم يشكل الأفارقة الغالبية الساحقة من شبابه، فإن السؤال الذي سيواجه الأوروبيين بشكل متزايد وفق الكاتب، هو عما إذا كان التمسك بهوياتهم الذاتية، المرتبطة ارتباطا وثيقا بعِرقهم الأبيض، أهم من النمو الاقتصادي والازدهار والتنافس مع الصين التي تمثل “الهوس الراهن” للغرب، أو ربما حتى البقاء الاقتصادي.
ويتساءل فرينش مرة أخرى عما إذا كان الأثرياء الأوروبيون والأميركيون سيتمكنون من التغلب على نفورهم من الأفارقة، الذين ربما يمتلكون مفتاح خلاصهم الاقتصادي، ويحتضنونهم كبشر مثلهم تماما.
ويختم بالقول إن مستقبل المجتمعات الغربية سيعتمد على المهاجرين الأفارقة في حل المعضلات الاقتصادية التي تعاني منها أوروبا والولايات المتحدة.