“أوقفوا الفتنة”.. ضجة بالعراق حول جامع سامراء التاريخي

لم تهدأ الانتقادات بين العديد من العراقيين خلال الساعات الماضية، إثر إعلان ما تعرف بـ”العتبة العسكرية للوقف الشيعي” الاستيلاء على جامع سامراء الكبير ذي الأهمية الكبرى لدى أهالي مدينة سامراء والعراق أجمع.

ولم يكن الجامع وحيداً بل لحقت به أيضاً المدرسة الدينية التابعة لـ”الوقف السني”، وسط مطالبات كثيرة بإدانة القرار واستنكاره.

فقد ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالخبر، وانتقد كثيرون إعلان تغيير اسم الجامع الأثري ليصبح “جامع ولي الأمر”، ما اعتبره البعض “خطوة استفزازية غرضها إحياء الفتنة الطائفية وضرب التعايش والاستقرار في المدينة”، وفق التعليقات.

غضب اجتماعي عارم

وناشد رئيس الهيئة السياسية لتحالف “عزم” الدكتور خالد العبيدي، رئيس الحكومة العراقية للتدخل وإلغاء القرار.

كما كتب في تغريدة عبر تويتر: “لقد أثار تغيير اسم وهوية #جامع_سامراء_الكبير حفيظة جزء مهم من العراقيين باعتباره لن يخدم الأمن المجتمعي الذي نحرص جميعا على تحقيقه.. دعوتنا إلى الأخ رئيس الوزراء وحكماء دولتنا والقادة السياسيين إلى الدفاع عن حقوق شعبنا الدينية والثقافية المتوارثة منذ مئات السنين”.

بدوره، انتقد المجمع الفقهي العراقي الأمر، ووصف الاستيلاء على المسجد والمدرسة الدينية بـ “الخطير”، محذّراً من عواقب وخيمة، وفق ما جاء في بيان له.

فيما اعتبر شيوخ ووجهاء مدينة سامراء، عملية الاستيلاء على جامع سامراء الكبير أشبه بالـ “اغتصاب”، محذّرين من خطورة تصرفات العتبة العسكرية في المدينة.

كذلك أصدر الوقف السني بياناً أعلن فيه رفضه ما رآه “الاغتصاب العلني للأوقاف”، والمستمر خلال السنوات الماضية دون حسيب أو رقيب، مطالباً بتدخل الجهات ذات العلاقة لـ”إيقاف الفتنة”، بحسب بيانه.

وعلى الرغم من أن الجامع مغلق منذ عام 2006 وتحت سيطرة الفصائل المسلحة التي تهيمن على المنطقة بعد تفجير تخريبي طاله وتبنّاه تنظيم القاعدة الإرهابي، فإن مطالبات كثيرة كانت انتشرت خلال الفترة الماضية من سكان المنطقة لفتحه، وكذلك المنطقة المحيطة به.

أهمية تاريخية كبيرة

يشار إلى أن مدينة سامراء الأثرية تقع على ضفاف نهر دجلة، وتحديداً على مسافة 130 كلم شمال العاصمة العراقية بغداد، وفقاً لموقع مركز التراث العالمي التابع لمنظمة “اليونيسكو”.

وتضم المدينة التي كانت قديماً مقر عاصمة إسلامية “جبارة” وبسطت نفوذها على أقاليم الدولة العباسية التي امتدت خلال قرن من الزمن من تونس إلى وسط آسيا، ابتكاراتٍ هندسية وفنية طوّرت محلياً قبل أن تنقل إلى أقاليم العالم الإسلامي، وأبعد من ذلك.

فيما يعتبر المسجد الجامع ومئذنته “الملوية”، اللذان شيدا في القرن التاسع الميلادي من بين الآثار العديدة والبارزة الموجودة في المدينة الأثرية، حيث بناه الخليفة العباسي “المتوكل على الله بن الخليفة المعتصم بالله”، بين عامي 848 و851 ميلادي”، أي أن عمرها يتجاوز الألف عام، وفقاً لموقع جامعة سامراء.

كما تعد مئذنة الجامع من أبرز معالم العمارة العباسية في مدينة سامراء، إذ تتميز بطراز معماري فريد من نوعه عن بقية مآذن العالم الإسلامي.

يذكر أن القرار الأخير كان فجّر غضباً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الأوساط العراقية، وسط مطالبات بإلغائه فوراً واستنكاره.