كشفت مجموعة من وثائق وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) المسربة معلومات صادمة عن روسيا وأوكرانيا، وأظهر مدى عمق اختراق المخابرات الأميركية لأجهزة الأمن والاستخبارات الروسية، ما يدل على قدرة واشنطن على تحذير أوكرانيا بشأن الضربات المخطط لها وتقديم تقييم لقوة آلة الحرب الروسية. كما ترسم الوثائق صورة للجيش الروسي المتهاوي والذي يكافح في حرب أوكرانيا.
هذه الوثائق بمثابة تحذيرات يومية كانت تأتي في التوقيت الملائم لوكالات المخابرات الأميركية بشأن توقيت ضربات موسكو وحتى أهدافها المحددة. وسمحت مثل هذه المعلومات الاستخباراتية للولايات المتحدة بتمرير معلومات مهمة إلى أوكرانيا حول كيفية الدفاع عن نفسها، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.
كما تكشف الوثائق التقييم الأميركي للجيش الأوكراني الذي يعاني أيضًا من ضائقة شديدة، بسبب النقص الحاد في ذخائر الدفاع الجوي، وتناقش الوثائق المكاسب التي حققتها القوات الروسية حول مدينة باخموت الشرقية.
وتظهر التقارير الاستخباراتية أن الولايات المتحدة تتجسس على كبار القادة العسكريين والسياسيين في أوكرانيا، وهو ما يعكس عمل واشنطن للحصول على رؤية واضحة لاستراتيجيات القتال في أوكرانيا.
تدمير مخزن ذخيرة روسي في باخموت شرق أوكرانيا
وتعزز الوثائق فكرة اعترف بها مسؤولو المخابرات منذ فترة طويلة وهي أن لدى الولايات المتحدة فهما أوضح للعمليات العسكرية الروسية أكثر من فهمها للتخطيط الأوكراني. وغالبًا ما يكون جمع المعلومات أمرًا صعبًا وأحيانًا خاطئ، لكن مجموعة الوثائق ربما تقدم الصورة الأكثر اكتمالا حتى الآن للأعمال الداخلية لأكبر حرب برية في أوروبا منذ عقود.
وقال المسؤولون الأميركيون إنه بينما تقدم الوثائق تلميحات حول الأساليب الأميركية لجمع المعلومات عن الخطط الروسية، فإن وكالات المخابرات الأميركية لا تعرف بعد ما إذا كان سيتم قطع أي من مصادر معلوماتها نتيجة للتسريب.
واعترف المسؤولون الأميركيون أنهم فقدوا بعض مصادر المعلومات منذ بدء الحرب، ولكن يبدو أن الوثائق الجديدة تظهر أن فهم أميركا للتخطيط الروسي لا يزال واسع النطاق.
وحذر التقرير من أن التسريب لديه القدرة على إلحاق ضرر حقيقي بالمجهود الحربي الأوكراني من خلال الكشف عن الوكالات الروسية التي تعرف الولايات المتحدة كل شيء عنها، ما يمنح موسكو فرصة محتملة لقطع مصادر المعلومات.
وأدى التسريب بالفعل إلى تعقيد العلاقات مع الدول الحليفة وأثار الشكوك حول قدرة أميركا على الحفاظ على أسرارها.
وبعد مراجعة الوثائق، قال مسؤول استخباراتي غربي كبير إن الإفراج عن الوثائق كان مؤلمًا، وأشار إلى أنه يمكن أن يحد من تبادل المعلومات الاستخباراتية.
وذكر المسؤول أن قيام الوكالات المختلفة بتبادل المعلومات يتطلب ثقة وتأكيدات بأن بعض المعلومات الحساسة ستبقى سرية.
وقد تضر الوثائق أيضا بالعلاقات الدبلوماسية بطرق أخرى. وتوضح الوثائق الاستخباراتية التي تم الكشف عنها حديثًا أن الولايات المتحدة لا تتجسس على روسيا فحسب، بل على حلفائها أيضًا.
ونشر مثل هذا التجسس علنا يعيق دائمًا العلاقات الأميركية مع الشركاء الرئيسيين.
وقال مسؤول أميركي رفيع آخر إن تعقب المصدر الأصلي للتسريب قد يكون صعبًا لأن المئات، إن لم يكن الآلاف، من الجيش والمسؤولين الحكوميين الأميريكيين الآخرين لديهم التصاريح الأمنية اللازمة للوصول إلى الوثائق.
وكشف المسؤول أن البنتاغون اتخذ إجراءات في الأيام القليلة الماضية لـ “إغلاق” توزيع وثائق الإحاطة بالغة الحساسية. وكانت الوثائق المنشورة على الإنترنت عبارة عن صور لأوراق مطوية، بعضها يحتوي على صور لمجلة خلفها، وهي معلومات قد تساعد المحققين على التوصل إلى كيفية حدوث التسريب.