تضاربت الأنباء حول محاولة اغتيال فاشلة طالت قائد قوات “سوريا الديمقراطية” مظلوم عبدي في مطار السليمانية الدولي بإقليم كردستان العراق، عقب استهداف سور المطار بطائرة مسيّرة تركية مساء الجمعة.
فهل كان عبدي بالفعل في السليمانية؟
وما هي الرسالة التي أرادت تركيا إيصالها إلى حزب “الاتحاد الوطني الكردستاني”؟
بحسب مصدر رفيع في حزب “الاتحاد الوطني الكردستاني” الحاكم في محافظة السليمانية التي تعد معقل الحزب وثاني أكبر محافظات الإقليم، فقد كان قائد قوات “سوريا الديمقراطية” المعروفة اختصاراً بـ “قسد” والمدعومة من الولايات المتّحدة والتحالف الدولي، الذي تقوده ضد تنظيم “داعش” في سوريا والعراق المجاور، داخل المطار عند استهدافه، الجمعة.
رسالة تركية
وكشف المصدر لـ “العربية.نت” أن “عبدي لم يكن بمفرده عند استهداف المطار”، بل برفقة مسؤولين أميركيين من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.
كما أضاف أن “قائد قسد غادر السليمانية برفقة مسؤولين أميركيين بعد سلسلة اجتماعاتٍ مع جهاز مكافحة الإرهاب في المدينة، حيث وصل إلى مكان إقامته في شمال شرقي سوريا”، معتبراً أن “الهدف من استهداف المطار لم يكن التخلّص من مظلوم وإنما إرسال رسالة تركية للسلطات في السليمانية على خلفية دعمها المستمر لقسد”.
قوات سوريا الديمقراطية قسد (أ ف ب)
كذلك أكّد المصدر عدم وجود أي أضرارٍ بشرية ناجمة عن استهداف المطار في الوقت الذي أكّد فيه مصدرٌ آخر من قوات “سوريا الديمقراطية” أن “قائدها بخير وعلى رأس عمله”، على حدّ تعبيره.
إلى ذلك، قال جاسم محمد خبير الأمن الدولي إن “تركيا عادةً ما تستهدف شخصياتٍ من حزب العمال الكردستاني في إقليم كردستان أو مقرّات عسكرية للحزب، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتمّ فيها استهداف مطار السليمانية الدولي المدني مثلما حصل مساء الجمعة”.
تحول جديد
كما أضاف لـ “العربية.نت” أن “الغارة الجوية التي تمّت بطائرة مسيّرة والتي كانت تستهدف قائد قسد، توحي بخرق أمني كبير على مستوى إقليم كردستان والعراق”، لافتاً إلى أن “استهداف منشأة مدنية هو تطوّر يختلف عن استهداف تركيا في وقتٍ سابق لمقرّات عسكرية للعمال الكردستاني، ويعني وجود تحوّل جديد في الاستراتيجية العسكرية التركية داخل إقليم كردستان”.
وتابع: “ليس من المستبعد أيضاً أن يكون إيصال تركيا رسالة إلى حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ربّما في مسألة وجود عناصر من العمال الكردستاني على أراضيه”.
مطار السليمانية في كردستان العراق
وكانت قوات “سوريا الديمقراطية” قد أكدت السبت رسمياً استهداف قائدها بعدما نفت ذلك الجمعة، وذلك عبر مكتبها الإعلامي الذي أشار في بيان إلى أن المكتب سينشر لاحقاً تفاصيل الهجوم على مطار السليمانية وأنّه تعمّد احتواء المعلومات حول الهجوم حرصاً على سلامة القائد العام للقوات حتى وصول عبدي بشكلٍ آمن إلى شمال شرقي سوريا.
اتهام لأردوغان
فيما اتهم عبدي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخلط الأوراق والبحث عن ذرائع تخدم مصالحه في مرحلة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، التي ستشهدها تركيا يوم 14 أيار/مايو القادم. وأكّد في تصريحاتٍ صحافية نقلتها وكالة “هاوار” الكردية، وجود غرف عمليات مشتركة بإشراف التحالف الدولي مع قوات محاربة الإرهاب في العراق وكردستان العراق لمحاربة “داعش”، “وهو ما لا يقبل به أردوغان”، على حدّ تعبّيره.
وسبق للرئيس المشارك لحزب “الاتحاد الوطني” بافل طالباني، نجل الرئيس العراقي الراحل والأسبق جلال طالباني أن قام بزيارة عبدي في مقرّ إقامته في شمال شرقي سوريا في أواخر عام 2022 الماضي، وهو ما أثار غضب تركيا التي تعارض تعاون “الاتحاد” المستمر منذ سنوات مع “قسد” و”الإدارة الذاتية”.
خلاف كردي كردي
يشار إلى أن استهداف مطار السليمانية زاد من حدّة الخلافات بين الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان وهما “الاتحاد الوطني” و”الديمقراطي الكردستاني” الذي يتزعّمه الرئيس السابق للإقليم مسعود بارزاني.
وطالبت رئاسة إقليم كردستان السلطات الأمنية بإجراء تحقيقاتٍ في الحادث، كما دعت الأطراف المعنية إلى ضبط النفس والتعامل مع الحادثة وتداعياتها بطريقة سليمة.
ودانت “قسد” والرئاسة العراقية وحزب “الاتحاد الوطني” استهداف مطار السليمانية الدولي الذي أغلقت تركيا مجالها الجوي أمام الرحلات المغادرة منه والمتوجّهة إليه منذ الثالث من نيسان/أبريل الجاري في قرارٍ سيستمر حتى الثالث من شهر تمّوز/يوليو المقبل، وجاء في سياق “تكثيف أنشطة حزب العمال الكردستاني” في السليمانية، وفق ما أوردت وزارة الخارجية التركية قبل أيام.