نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” (The New York Times) الأميركية وصحيفة “أوبسكيورا أطلس” (Obscura Atlas) الكندية تقارير عن حياة سيلفيا رافائيل عميلة الاستخبارات الإسرائيلية -الموساد- التي تسترت وراء عملها مصورة لوكالة أنباء فرنسية، وصورت عددا من مناسبات القادة العرب ومنظمة التحرير الفلسطينية في الستينيات وشاركت في الاغتيالات الإسرائيلية لشخصيات فلسطينية.
ونشرت نيويورك تايمز تقريرا عنها بمناسبة عرض أعمالها في التصوير اليوم الثلاثاء لأول مرة، بمركز إسحاق رابين في تل أبيب، بعد أن ظلت لعقود عديدة حبيسة في أرشيف الموساد. وعلق تقرير نيويورك تايمز على معرض صور رافائيل بأنه يفتح نافذة على الحياة المزدوجة لها، كونها جاسوسة ومصورة.
الهجرة لإسرائيل
ولدت رافائيل عام 1937 في جنوب أفريقيا لأب يهودي وأم غير يهودية، مما يعني أنها لم تكن يهودية بموجب القانون الديني اليهودي. ومع ذلك، فقد نما لديها ولاء قوي لليهود وهاجرت إلى إسرائيل وبدأت العمل مدرسة. وسرعان ما لفتت انتباه الموساد، الذي كان يبحث باستمرار عن عملاء محتملين لا يبدو عليهم أنهم إسرائيليون.
ونقلت نيويورك تايمز عن موتي كفير، الذي كان يشغل منصب قائد أكاديمية العمليات السرية في الموساد في الوقت الذي تم فيه تجنيد وتدريب رافائيل هناك، قوله: “كانت شخصا مميزا، كانت لديها موهبة رائعة في تكوين علاقات مع أي شخص ومنحه الشعور بأنها أفضل أصدقائه”.
قصة التستر
ووفقا لكفير، كانت رافائيل قد خضعت لدورة مكثفة في التصوير الفوتوغرافي مع أحد المصورين الصحفيين البارزين في إسرائيل. وبعد ذلك، أرسل رجل أعمال يهودي أوروبي ملفها مع توصية جيدة إلى وكالة “دالماس” (DALMAS) في باريس لقبول “الموهبة الصاعدة” من أجل الخبرة العملية.
وقال كفير إن “هذه هي الطريقة التي تبلورت بها قصة التستر؛ تعيش في باريس، ومن هناك تذهب إلى مهمات في جيبوتي أو الأردن أو لبنان”.
ونسبت تقرير نيويورك تايمز إلى إيلان شوارتز -أحد القائمين على المعرض وهو أول من بحث عن المجموعة- قوله “لقد سحرتني قصتها.. كانت امرأة عارضت التقاليد المعهودة في سن مبكرة للغاية، ووافقت على التضحية كثيرا”.
وأضاف شوارتز “لم أتخيل للحظة أننا سنجد مثل هذا المستوى من التصوير الفوتوغرافي وهذه الموهبة، حتى فتحنا الحقيبة”.
موهبة في التصوير
وأوضح التقرير أنه رغم أن عمل رافائيل مصورة كان مجرد غطاء لنشاطها التجسسي، فإن الصور التي التقطتها خلال سنوات عملها مع وكالة دالماس الفرنسية للتصوير، حسب ما يقول القائمون على المعرض، تظهر موهبة كبيرة.
وتشمل مجموعة الصور، التي تبلغ المئات، صورا لقادة إقليميين مثل الرئيس المصري جمال عبد الناصر وخليفته أنور السادات غافلين عن أن أحد عملاء الموساد يقوم بتصويرهما.
وتُظهر صور أخرى مشاهد الفيضانات في اليمن والاضطرابات الاجتماعية في جيبوتي، فضلا عن الحياة اليومية في بلدان، مثل لبنان والأردن، التي كان من الممكن أن تكون محظورة على أي إسرائيلي، فضلا عن عميل للموساد.
لا تزال بعض صورها سرية
وتوثق الصور المهام التي عملت عليها السيدة رافائيل من عام 1965 إلى عام 1971. ولا تزال بعض الصور مصنفة في غاية السرية من قبل الموساد وتم إبعادها عن المعرض.
وقال التقرير إن رافائيل تمكنت من الاقتراب من العاهل الأردني الراحل الملك حسين، الذي دعاها إلى منزله لتصويره هو وعائلته، بما في ذلك الأمير عبد الله، الملك الحالي. ولم يسمح الموساد بنشر الصور من تلك الرحلة، لكنه سمح بنشر صور وثقت فيها الرئيسين المصريين ناصر والسادات، وهي دليل على مدى قرب الموساد من الزعيمين المصريين، اللذين كانا يخشيان لسنوات أن تحاول إسرائيل اغتيالهما.
اختراق معسكرات فتح
وكانت رافائيل أيضا، حسب التقرير، اخترقت معسكرات تدريب منظمة فتح عام 1965، حين كان كبار المسؤولين في المنظمة هدفا للموساد. وإحدى صور زيارتها لمعسكرات فتح معروضة في المعرض بتل أبيب. وقال شوارتز إن تلك الصورة تظهر “النظرة الحارقة في عيون الأولاد الذين حُشِدوا لخطاب ياسر عرفات”.
محاولة اغتيال علي سلامة
من جهتها، ذكرت صحيفة أطلس أوبسكيورا الكندية -في تقرير لها يونيو/حزيران 2015- أن رافائيل ساعدت في اغتيال بعض الفلسطينيين، ولكن عندما تم تكليفها للاشتراك مع الفريق الذي أفسد عملية اغتيال علي حسن سلامة -أحد قادة منظمة “أيلول الأسود” الذي نظم عملية أولمبياد ميونيخ التي انتهت بقتل 11 رياضيا إسرائيليا- انتهى الأمر بها في السجن النرويجي، وفجأة أصبحت من أكثر عملاء الموساد شهرة في التاريخ.
وأضافت الصحيفة أنه -خلال تنفيذ عملية اغتيال سلامة في أوسلو- اتضح أن الرجل الذي أطلقوا النار عليه ليس القائد الفلسطيني، واعتُقلت رافائيل وزملاؤها، وحُكم عليها في النهاية بالسجن لأكثر من 5 سنوات بتهمة التورط في جريمة قتل، وتوفيت عام 2005.