القدس المحتلة ـ في الوقت الذي بدت فيه إسرائيل منقسمة سياسيا حيال خطة الإصلاحات في الجهاز القضائي التي تمضي حكومة بنيامين نتنياهو على المصادقة عليها، هناك إجماع لدى المؤسستين العسكرية والأمنية ولدى المسؤولين في القطاع التجاري، على أن الخطة سيكون لها تداعيات سلبية على الاقتصاد وعلى وحدة ومتانة الجيش الإسرائيلي.
وحذر قادة المؤسسة الأمنية ورئاسة هيئة أركان الجيش الإسرائيلي نتنياهو من تصاعد وتيرة الاحتجاجات في الشارع الإسرائيلي التي دخلت شهرها الثالث.
ومع إعلان نتنياهو عزم حكومته على المصادقة النهائية على خطة الإصلاحات القضائية ورفضه لأي تسوية، لا يستبعد رئيس أركان الجيش، هرتسي هليفي، من مغبة أن يسهم ذلك في تفكك الجيش، في حين قدر رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي العام “الشاباك”، رونين بار، أن يؤدي ذلك إلى اتساع معارضة خطة تعديلات القضاء في الجيش وفي صفوف من يخدم بالمؤسسات الأمنية.
-
ما تقديرات قادة الأجهزة الأمنية بشأن تداعيات الاحتجاجات ضد التعديلات القضائية على الجيش والأمن بإسرائيل؟
تبدي قيادات الأجهزة الأمنية والعسكرية قلقها ومخاوفها من تصاعد الاحتجاجات في الشارع الإسرائيلي، حيث يرجحون أن ذلك سيؤدي إلى اتساع المعارضة للإصلاحات القضائية داخل صفوف الجيش والأجهزة الأمنية، ورفض الخدمة في صفوف قوات الاحتياط، سواء في الجيش وفي سلاح الجو.
كما لا يستبعدون تصاعد ظاهرة رفض الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش، وحتى في الخدمة الاعتيادية بالأجهزة الأمنية وشعبة الاستخبارات والموساد، الأمر الذي سيكون له تداعيات مستقبلية حول كفاءة الأشخاص الذين يخدمون بالجيش ومختلف الأجهزة الأمنية، وفقا لتقديرات رئيس الشاباك.
المخاوف ذاتها عبر عنها رئيس أركان الجيش هليفي، الذي لا يستبعد أن يؤدي الشرخ والتصدع في المجتمع الإسرائيلي إلى تفكك الجيش على المدى البعيد.
-
ما ملامح تداعيات الإصلاحات القضائية على الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية؟
استعرض تقدير موقف صادر عن معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، تداعيات خطة الحكومة لإصلاحات بالجهاز القضائي الإسرائيلي، حيث وصف هذه التداعيات بـ”الإنذار الإستراتيجي”.
وأشار تقدير الموقف إلى أن تعميق الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي، والسجال في الجيش والأجهزة الأمنية مع تصاعد مؤشرات رفض الخدمة، سيؤدي إلى تقليص معالجة القضايا الأمنية الملحة ومعالجتها، الأمر الذي من شأنه أن يهدد الأمن القومي الإسرائيلي.
وحذر معهد الأبحاث من مغبة أن تسهم هذه التداعيات في التأثير على مواجهة إسرائيل التهديدات الأمنية على مختلف الجبهات، مرجحا أن الجيش الذي كان دائما فوق السجال والخلافات الداخلية بإسرائيل، سيفقد وحدته وقد تدخله الخلافات إلى مسار التفكك مستقبلا، حيث من الممكن أن تفقده هذه الخلافات مكانته كـ”جيش الشعب”.
-
ما مدى جدية الأصوات التي تدعو لرفض الخدمة في قوات الاحتياط؟
بدت التداعيات السلبية لخطة التعديلات في قانون القضاء على مختلف الوحدات في الجيش مع تعالي الأصوات لرفض خدمة الاحتياط، وخاصة في سلاح الجو والاستخبارات وقوات النخب وكبار الضباط، وسط تحذيرات لقادة الجيش والأجهزة الأمنية ومراكز الأبحاث من تقويض المناعة الاجتماعية في إسرائيل وانتقالها للجيش ومختلف الأجهزة الأمنية.
وحذر وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، خلال جلسات مغلقة مع نتنياهو، من مغبة أن تسهم الإصلاحات في تفكك الجيش وفقدان القدرة على القيام بمهامه، خصوصا مع اتساع ظاهرة رفض الخدمة ضمن قوات الاحتياط، وقيادة الحراك والاحتجاجات ضد الإصلاحات القضائية من قبل كبار ضباط الاحتياط بالجيش والأجهزة الأمنية.
-
هل هناك مؤشرات لرفض الخدمة العسكرية والامتناع عن خدمة الاحتياط؟
ويقود الاحتجاجات ضد خطة الحكومة لإضعاف القضاء، العشرات من ضباط الاحتياط في سلاح الجو، والجيش، والبحرية، والاستخبارات، والسايبر، والوحدات القتالية، إلى جانب مجموعة من جنود الاحتياط تطلق على نفسها اسم “أخوة في السلاح”.
وبادر كبار ضباط الاحتياط بالجيش والأجهزة الأمنية لجمع توقيعات على عريضة لرفض الخدمة العسكرية في حال المصادقة النهائية على خطة الإصلاحات القضائية.
ونفذ المئات من ضباط الاحتياط والطيارين في سلاح الجو والاستخبارات تهديدهم بعدم امتثالهم لأوامر الاستدعاء للخدمة العسكرية في وحدات الاحتياط، والامتناع عن المشاركة في المناورات.
وتعالت تحذيرات لدى شرائح واسعة من المجتمع اليهودي أنهم سيمنعون تجنيد أولادهم بالوحدات القتالية في حال المصادقة النهائية على الإصلاحات القضائية.
-
لماذا تشكل الإصلاحات في الجهاز القضائي تهديدا للاقتصاد بإسرائيل؟
يتطلب النمو الاقتصادي والازدهار، مجموعة من القوانين التي تضمن، من بين أمور أخرى، احترام حقوق الملكية، واحترام قوانين الميزانية، واحترام قانون البنك المركزي (قانون بنك إسرائيل)، والحفاظ على المنافسة قوانين اللعبة وقواعدها الواضحة والمستقرة التي تتيح أفق تخطيط طويل الأمد.
يجزم تقدير موقف صادر عن “المعهد الإسرائيلي للديمقراطية” أن خطة حكومة نتنياهو الهادفة إلى إضعاف جهاز القضاء، ستسهم في تراجع قابلية ودافع المستثمرين الأجانب للاستثمار في إسرائيل، ويؤدي ذلك إلى انخفاض حاد في التصنيف الائتماني.
منذ بدء تشريعات خطة إصلاح القضاء التي يقودها وزير القضاء ياريف لفين، في يناير/كانون الثاني 2023، عانت بورصة تل أبيب من ضعف الأداء مقارنة بجزء كبير من البورصات الرائدة في العالم، وضعف الشيكل بشكل كبير بنحو 3% مقابل الدولار.
ومنذ بداية العام حتى النصف الثاني من مارس/آذار 2023، انخفض مؤشر تل أبيب 35 بنحو 1.9% ومؤشر تل أبيب 125 بنحو 3.3%، مقارنة بالمؤشرين الرائدين مؤشر “إس آند بي 500” ومؤشر “ناسداك” الأميركيين اللذين ارتفعا بنحو 3% و16% على التوالي.
-
ما تداعيات الإصلاحات القضائية على الاستثمارات والسوق الإسرائيلية؟
إلى جانب تراجع الاستثمارات الأجنبية، وفقا لتحذيرات وتقديرات البنك المركزي في إسرائيل، فإن هناك توجها للشركات في إسرائيل ورجال أعمال يهود لسحب مدخراتهم وأرصدتهم من البنوك الإسرائيلية ونقلها إلى مصارف بالخارج، خاصة في قطاع صناعة التكنولوجيا.
وعلى المدى البعيد، قد تقوم الكثير من الشركات الإسرائيلية ومن كافة القطاعات إلى نقل مقراتها وأعمالها ونشطاها الاقتصادي خارج إسرائيل، مما يعني هروب الأدمغة وأصحاب القدرات والاختصاص، وكذلك ارتفاع معدل البطالة.
ولعل أبرز القطاعات المتضررة سيكون قطاع التكنولوجيا، إذ تشير تقديرات وزارة المالية الإسرائيلية إلى أن ارتفاع المخاطر من شأنه أن يسهم بفقدان الناتج بقطاع التكنولوجيا بنسب تتراوح بين 1.6% إلى 4.6%، وتراجع عدد العاملين في هذا القطاع بإسرائيل بنسبة تتراوح بين 8% وقد تصل إلى 25%.
-
هل هناك تقديرات لحجم خسائر الاقتصادي الإسرائيلي جراء الإصلاحات القضائية؟
أظهر تقرير صادر عن قسم الميزانيات في وزارة المالية الإسرائيلية، أنه في حال المصادقة النهائية على التشريعات والإصلاحات في الجهاز القضائي، فإن ذلك سيسهم في خفض التدريج الائتماني لإسرائيل، وفقا لتحذيرات الشركات العالمية لتدريج الائتمان “فيتش” و”موديز”.
كما أن تقديرات قسم الميزانيات تشير إلى أن المرافق الاقتصادية والتجارية الإسرائيلية ستفقد خلال العقد المقبل ما قيمته 100 مليار شيكل (30 مليار دولار) في نمو الناتج، بينما ستخسر خزينة الدولة 30 مليار شيكل (9 مليارات دولار)، من الدخل من الضرائب.
قد يؤدي خفض التدريج الائتماني لإسرائيل إلى ارتفاع إنفاق الفائدة الحكومية وتكاليف تمويل القطاع التجاري، وتباطؤ النمو، في حين يتوقع أن يرتفع تمويل الدين العام إلى ما بين 2.3 إلى 6.8 مليارات شيكل سنويا، بينما تمويل دين القطاع التجاري يتوقع أن يرتفع إلى 2.6 إلى 7.8 مليارات شيكل سنويا، وكذلك فقدان 2.8% إلى 5.6% من النمو في الناتج العام سنويا.