القدس المحتلة- نحو المزيد من تكريس مفهوم دولة الشريعة اليهودية، صادق الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) على قانون “الحميتس” أو “الخميرة” الذي يحظر إدخال الأطعمة والمشروبات للمرضى في المستشفيات خلال عيد الفصح اليهودي مما يعكس هيمنة الأحزاب الحريدية والتيار الديني اليمني المتطرف.
وقدم القانون عضو الكنيست موشي غافني من حزب “يهدوت هتوراه” الحريدي، وتمت المصادقة عليه بالقراءة الأولى بدعم 51 نائبا ومعارضة 46 عضوا.
ويُوصف القانون بـ “العنصرية” إذ إن الهدف منه منع غير اليهود من إحضار أطعمة طبيعية الى مرضاهم خلال عيد الفصح، الذي لا يتناول فيه اليهود الأغذية والأشربة التي تحتوي على الخميرة ومشتقاتها.
ويأتي ذلك ضمن ما يسمى خطة “الإصلاحات في الجهاز القضائي” التي تجريها الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو.
وتهدف التعديلات والتشريعات الدينية إلى فرض العديد من التعليمات والتشريعات التوراتية في مختلف مناحي الحياة، وهو ما يعكس الصراع حول هوية الدولة اليهودية ما بين التيار العلماني والتيار الحريدي واليمين الديني المتطرف، وذلك في معركة باتت توصف بـ “الإكراه الديني”.
كما أنها تعتبر قوانين وإجراءات عنصرية وتمييزية ضد فلسطينيي 48 وغير اليهود، وانتهاكا للقوانين والأعراف الدولية. وتعكس الوجه المتطرف لحكومة نتنياهو التي تعتمد على حزب الليكود، والأحزاب الحريدية “شاس، يهدوت هتوراه، تيار الصهيونية الدينية الجديدة، عظمة يهودية”.
الفصل بين الجنسين
لطالما كانت البلدات والمستوطنات، التي تقطنها أغلبية من اليهود الحريديم، تتبع نظام الفصل بين الجنسين في الحيز العام ومنع الاختلاط، وهي الإجراءات التي كانت غير ملزمة للجميع وتطبق دون صلاحيات قانونية، وكانت الأحزاب الحريدية قد قدمت مشروع قانون يقضي للفصل بين الجنسين في الحيز العام الإسرائيلي أيضا.
ويهدف القانون إلى الفصل بين الجنسين في المواصلات العامة والحافلات والقطارات، وكذلك في مناطق الترفيه والاستحمام في بعض الشواطئ، والمحميات الطبيعية والينابيع.
وستخصص 15% من ساعات عمل المتنزهات لتعمل بموجب الفصل بين الجنسين، حيث تمت التجربة لأول مرة عام 2020، في محمية “عين تسكيم” بيد أن وزارة القضاء جمدت المشروع، حتى يتم التقنين ومنح صلاحيات لسلطة الحدائق والطبيعة، لتحديد ساعات استحمام منفصلة للذكور والإناث بالمحميات الطبيعة والمتنزهات.
قدسية السبت
تكشف نصوص الاتفاقيات الائتلافية عن عمق الصراع بالمجتمع اليهودي فيما يتعلق باعتماد التعاليم التوراتية في الحياة اليومية، إذ تصر الأحزاب الحريدية على الحفاظ على قدسية السبت، وتعتبر ذلك من أهم أركان الدولة اليهودية.
ويقضي الحفاظ على “قدسية السبت” حظر المواصلات العامة بمنطقة تل أبيب والبلدات العربية ومنع العمل نهاية الأسبوع، من مساء الجمعة حتى مساء السبت، وحظر فتح الجمعات التجارية وأماكن الترفيه، والحفاظ على لوائح “الكوشير” (الحلال) بالمأكولات والأطعمة والمشروبات وحظر على المتاجر بيع لحوم الخنزير.
ومن البنود المثيرة للجدل، في الاتفاقيات الائتلافية، وقف إنتاج الكهرباء يوم السبت، حيث لا يمكن إيقاف إنتاج الكهرباء بالكامل في إسرائيل لمدة 24 ساعة، إذ يتم إنتاج أكثر من 23% من الكهرباء بواسطة محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم والتابعة لشركة الكهرباء.
وتطالب الأحزاب الحريدية وقف العمل في تطوير شبكة القطارات أيام السبت، الأمر الذي يكبد السلطات خسائر تقدر بنحو 300 مليون دولار شهريا، كما يعيق تطوير وتوسيع شبكة البنى التحتية للقطارات في الضواحي والأرياف.
تعاليم التوراة لغير اليهود
يعكس هذا التوجه تغيير الوضع القائم بكل ما يتعلق في علاقة الدين والدولة، إذ تنص الاتفاقيات الائتلافية على زيادة دراسات الكتاب المقدس والتوراة للعلمانيين وغير اليهود الذين سيتعلمون التلمود أيضا، وهو ما يعد عنصرية وتمييزا ضد فلسطينيي 48 وغير اليهود، حسب القوانين الدولية وحقوق الإنسان.
وقد توصلت الأحزاب الحريدية إلى اتفاق مع الليكود يقضي بسن “دراسة التوراة” بموجبه تعتبر دراسة التوراة قيمة عليا في الدولة مما يعني فرض التعاليم التوراتية والدينية على فلسطينيي 48 وعلى غير اليهود، وكذلك الإكراه الديني على اليهود العلمانيين.
ويتم بموجبه مقارنة أولئك الذين يدرسون التوراة بمن يخدمون في الجيش، ونتيجة لذلك سيتم إعفاؤهم من التجنيد، حيث سيتم أيضا زيادة ميزانية التعليم الحريدي مقابل البرنامج الأساسي لوزارة التربية والتعليم بشكله الكامل.
المحاكم اليهودية
وتشمل ما تُسمى خطة “الإصلاحات في الجهاز القضائي” أوضاع المحاكم الدينية اليهودية، وتوسيع صلاحياتها، بحيث يتم منحها صلاحيات النظر والبت في كل ما يتعلق بالشريعة اليهودية في الشؤون المالية.
وسيتم منح صلاحيات واسعة للمحاكم الدينية اليهودية في كل ما يتعلق بقوانين الأضرار والشراكة والملكية والجيرة، حيث يشكل ذلك خطوة أخرى نحو تغيير الجهاز القضائي والاعتماد أكثر على التعليمات والشرائع التوراتية في إسرائيل، مقابل تراجع مكانة القوانين والمحاكم المدنية، مع إمكانية الاستئناف على نصوصها وقرارتها أمام المحاكم الدينية اليهودية.