كركوك– أقر البرلمان العراقي يوم 27 مارس/آذار الماضي قانون الانتخابات الجديد الذي سيشمل الانتخابات التشريعية العامة وانتخابات مجالس المحافظات (الانتخابات المحلية) والذي يُعد تعديلا لقانون انتخابات عام 2018.
وأبرز ما اتفق عليه فرقاء السياسة في البرلمان إجراء الانتخابات المحلية في محافظة كركوك (شمالي العراق) التي لم تجر فيها أي انتخابات محلية منذ عام 2005 بسبب المشاكل السياسية بين مكونات المحافظة التي تضم خليطا من العرب والتركمان والأكراد وأقليات أخرى.
وتُطرح عديد من الأسئلة عن الآلية التي أقرها البرلمان لإجراء الانتخابات المحلية بكركوك، وعن عدد مقاعد مجلسها وموقف مكونات المحافظة من القانون الجديد، وهو ما ستجيب عنه الأسطر التالية:
ما خصوصية كركوك؟
تبعد كركوك 298 كيلومترا إلى الشمال من بغداد، ويبلغ عدد سكان المحافظة قرابة 1.6 مليون نسمة وفق، آخر الإحصاءات الرسمية، وتضم مزيجا سكانيا من مختلف المكونات العراقية، ومن بينها الأقليات.
تتسم كركوك بخصوصية من بين المحافظات العراقية، إذ تعد من المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل وفق المادة 140 من الدستور المُقَر عام 2005، فضلا عن أنها تضم 6 حقول نفطية عملاقة تقدر احتياطاتها بنحو 13 مليار برميل.
منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، سيطرت القوات الكردية (البيشمركة) على مركز مدينة كركوك، إلا أن علميات فرض القانون -التي شنتها حكومة رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي أكتوبر/تشرين الأول 2017 بعد الاستفتاء على انفصال إقليم كردستان عن العراق- حولت السيطرة الأمنية في المحافظة لقوات الجيش العراقي مع انسحاب قوات البيشمركة من مركز المدينة.
ما وضع كركوك في القانون الجديد؟
نص قانون الانتخابات الجديد المعدل على أن لا يتجاوز موعد عقد الانتخابات المحلية في المحافظات غير المنتظمة في إقليم يوم 20 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وهو ما ينطبق على محافظة كركوك.
وكان العراق قد شهد منذ عام 2003 إجراء 3 انتخابات محلية في العراق، كانت الأولى عام 2005، تلتها انتخابات عام 2009، ثم انتخابات عام 2013، غير أن محافظة كركوك لم تشهد إلا دورة انتخابية واحدة، وهي تلك التي عقدت عام 2005.
نص قانون الانتخابات الجديد -في المادة 15 (ثانيا-أ)- على أن تتكون مجالس المحافظات من 12 مقعدا، يضاف لها مقعد واحد لكل 200 ألف نسمة، للمحافظات التي يزيد تعداد سكانها على مليون نسمة، وفق إحصائيات وزارة التجارة لعام 2019، ومن ثم يكون عدد أعضاء مجلس محافظة كركوك المقبل 15 مقعدا، نسبة لعدد سكانها البالغ 1.6 مليون نسمة.
كما أفرد القانون مادة خاصة تتعلق بانتخابات كركوك، وتنص على أن تعمل مفوضية الانتخابات على تدقيق سجل الناخبين بالتنسيق مع وزارات الداخلية والصحة والعدل والتخطيط والتجارة، شريطة اعتماد سجل الناخبين في كركوك على التعداد السكاني لعام 1957، وضمان حق التصويت للمرَّحلين من المحافظة الذين تجاوزوا إجراءات لجنة تقصي الحقائق في ما يتعلق بالمادة 140 من الدستور للمناطق المتنازع عليها.
واعتمد التعداد السكاني لعام 1957 -الذي يعود للعهد الملكي في العراق- إذ تعده وزارة التخطيط الاتحادية المرجع السكاني للعراق على اعتبار أنه لم يحدث حينها أي نزوح أو ترحيل لكتل سكانية من منطقة إلى أخرى في العراق.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في “جامعة جيهان” مهند الجنابي -في حديثه للجزيرة نت- أن تشريع قانون مجالس المحافظات وشموله كركوك يبين أن هناك حلحلة للمشاكل بين بغداد وأربيل، لا سيما أن كركوك تعد من المناطق المتنازع عليها.
وتابع أن الاتفاق السياسي الذي أفضى لتشكيل تحالف إدارة الدولة وتشكيل حكومة محمد شياع السوداني أكتوبر/تشرين الأول الماضي أفضى للاتفاق على إجراء الانتخابات في كركوك، منبها إلى أن اعتماد سجل الناخبين في كركوك على تعداد عام 1957 والإحصائيات الرسمية للسكان يعد مؤشرا جيدا للنازحين من المحافظة، وفق قوله.
ما الموقف العربي؟
حظي القانون الانتخابي الجديد باتفاق بين مكونات كركوك الرئيسية، إذ يقول محمود زيدان العبيدي القيادي في حزب المشروع العربي بالمحافظة (يتزعمه السياسي السني خميس الخنجر) إن محافظة كركوك أصابها غبن شديد، بما أدى لوضع إداري غير مستقر منذ عام 2005، لا سيما أنه بعد انتهاء ولاية مجلس المحافظة عام 2009، لم تجر أي انتخابات محلية.
وفي حديثه للجزيرة نت، يتابع العبيدي أن عدم حل المشاكل السياسية العالقة في المحافظة أدى لعدم إجراء الانتخابات، مبينا أن التوصل لاتفاق سياسي بين مكونات كركوك بشأن قانون الانتخابات الذي أُقر مؤخرا جاء نتيجة الاتفاق السياسي بين جميع المكونات العربية والتركمانية والكردية.
وعما إذا كانت انتخابات مجالس المحافظات في كركوك ستعقد فعليا، أوضح أن سجل الناخبين كان المشكلة الكبرى التي عرقلت عقد جميع الدورات الانتخابية المحلية سابقا، موضحا أن سجل الناخبين في كركوك غير دقيق، وعليه، لا بد من معالجته وتدقيقه، ومن ثمّ الشروع في عقد الانتخابات المحلية، وهو ما سيتطلب إرادة سياسية حقيقية وواضحة، وفق قوله.
ما الموقف التركماني؟
على الجانب الآخر، يقول رئيس الجبهة التركمانية العراقية في كركوك حسن توران إن عام 2018 شهد إجماع جميع مكونات كركوك على إجراء الانتخابات المحلية عام 2019، غير أن ممثلي المكون الكردي قدموا طعنا لدى المحكمة الاتحادية حول إبطال تدقيق سجل الناخبين في حينه.
وعن موقف حزبه من القانون الجديد، أوضح -في حديثه للجزيرة نت- أنهم مع إجراء الانتخابات المحلية في المحافظة، لكنه أشار إلى أن المكون الكردي يخشى أي خطوة لتدقيق سجل الناخبين، عازيا ذلك للإضافات التي وصفها بـ”الهائلة” التي أحدثها الأكراد في كركوك بعد عام 2003، معربا عن أمله في وجود خطوات جادة لإتمام تدقيق سجل الناخبين من أجل إجراء الانتخابات.
ويضيف توران أن “وزارة التجارة الاتحادية أكدت وجود 300 ألف شخص مسجلين في سجل الناخبين لمحافظة كركوك على الرغم من أنهم ليسوا من المحافظة بالأساس، وبالتالي، لا بد من تدقيق أوليات هؤلاء، وهو ما سيخضع للإرادة السياسية”.
ما الموقف الكردي؟
وبالاتجاه إلى الأكراد، يقول مسؤول الفرع الثالث للحزب الديمقراطي الكردستاني في كركوك محمد كمال إن الأحزاب الكردية مع إجراء الانتخابات المحلية في المحافظة، خصوصا أن المحافظة تعرضت لظلم نتيجة تأجيل الانتخابات للدورات السابقة.
وعن أهم البنود التي توافق بشأنها الأكراد مع بقية المكونات، تابع كمال أن الجميع اتفقوا على تدقيق سجلات الناخبين في المحافظة، مبينا أن ذريعة السجلات كانت حجة تتذرع بها بقية المكونات بغية تأجيل الانتخابات في كل دورة انتخابية، وكان من الممكن العمل على تدقيق سجل الناخبين منذ سنوات، حسب قوله.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرى كمال أنه من الصعوبة بمكان تدقيق سجلات الناخبين في كركوك، لا سيما أنه لم يتبق على الانتخابات المحلية سوى أشهر قليلة، لافتا إلى أن “الأوضاع السياسية في كركوك تواجه عراقيل، هناك صعوبات في تدقيق سجلات الناخبين، كما أن قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي موجودة في كركوك، وهي معرقلة لإجراء الانتخابات”.