أوضح مقال نشرته مجلة فورين أفيرز (Foreign Affairs) الأميركية أن “متلازمة حرب العراق” أثرت على السياسة العسكرية الأميركية طيلة السنوات الماضية، مبرزا أنها أقل حدة لدى الجمهور الأميركي الذي يشترط لتقبل خوض حرب على أراض أجنبية.
وقالت المجلة إن صناع السياسة الأميركية استجابوا “للإحباطات” التي نتجت عن حرب العراق مثلما استجابوا لـ”إحباطات حرب فيتنام”، واستمروا في التدخلات العسكرية لكن مع تجنب الانتشار البري على نطاق واسع.
النخبة والجمهور
وأكد المقال أن “متلازمة حرب العراق” هي متلازمة حقيقية، غير أنها أكثر حدة لدى النخبة منها لدى الجمهور الذي ما يزال واثقا بالمؤسسات العسكرية الأميركية، وقادرا على فهم التوازن بين التكاليف المحتملة لأي حرب -وخاصة ما تعلق منها بالتكاليف البشرية- وبين المصالح الأمنية للبلاد وأرجحية كفة تحقيق الانتصار.
وكشف أن استطلاعات الرأي التي أجريت قبل حرب العراق وبعدها أبرزت أن استعداد الجمهور لتقبل التكلفة البشرية للحرب يعتمد بدرجة أولى على أهمية الحرب نفسها لأمن الولايات المتحدة، وارتفاع نسبة الفوز فيها.
وأوضح مقال فورين أفيرز أنه على الرغم من تراجع شعبية كل المؤسسات العامة -تقريبا- داخل الولايات المتحدة، فإن نسبة الثقة في الجيش الأميركي ما تزال مرتفعة، وقد أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب في عام 2022 أن 64% من الأميركيين لديهم “قدر كبير” من الثقة في جيش بلادهم.
فيتنام
وأشار مقال فورين أفيرز إلى أنه بالمقارنة مع توقعات دعاة حرب العراق، فإن النتائج التي تحققت كانت هزيلة لدرجة أن التدخل العسكري اعتبر فشلا ذريعا أعاد للأذهان ما وقع في فيتنام، خاصة مع الهزيمة الكاملة في أفغانستان.
كل ذلك جعل صناع السياسة يعتقدون منذئذ أن الجمهور الأميركي ليس لديه أي استعداد لتقبل عمليات عسكرية تجري على أراض أجنبية، إلا إذا ظهرت أهميتها للأمن الأميركي، ورجحت نتيجة الفوز.
علما أنه بعد حرب فيتنام، طور جيل من القادة الأميركيين ما عرف باسم “متلازمة فيتنام”، وهو “اعتقاد مرضي” بأن الدعم الشعبي لاستخدام القوة كان سريع الزوال، وأن قوة الجيش الأميركي غير مؤكدة تماما، ومن ثم فلم يعد “سهلا” الاندفاع بشن عمليات عسكرية على أراض أجنبية.
وبحسب فورين أفيرز، فقد أثرت هذه المتلازمة على عملية صنع القرار في الولايات المتحدة لسنوات طويلة، قبل أن تبدأ قوتها في الخفوت مع منتصف الثمانينيات.
فضلا عن أن الانتصار السريع للولايات المتحدة في حرب الخليج عام 1991 قد أبعدها إلى الأبد، وإن كان قد تأكد لصناع القرار أن الجمهور الأميركي لن يتسامح إلا مع نزاعات قصيرة الأمد، وقليلة الخسائر.