مراسلو الجزيرة نت
لندن – بعد جدل دام سنوات حول الفصل بين الأنثى المتحولة جنسيا والأنثى بالولادة، أعلن رئيس وزراء بريطانيا ريشي سوناك اعتزامه سنّ مشروع قانون لدعم حقوق المرأة البيولوجية، وسط رفض شديد من مجتمعات دعم المثليين.
يأتي هذا بعد مطالبة وزيرة شؤون المساواة كيمي بادنوش من هيئة حقوق الإنسان بالبرلمان في فبراير/شباط الماضي بإعادة صياغة مصطلح “النوع” ليشمل الجنس عند الولادة، بينما ينص القانون الحالي على أن الشخص المتحول الذي يحمل شهادة الاعتراف بالجنس ينتمي قانونا إلى الجنس الآخر.
وأوضحت لجنة المساواة وحقوق الإنسان (EHRC) -لجنة عامة غير وزراية- أن تعريف النوع بهذا الشكل ضروري ليضفي وضوحا قانونيا أكبر حول ماهية استخدام الأماكن المخصصة للنساء فقط، لضمان مزيد من الخصوصية للنساء اللاتي وُلدن إناثا.
رأي الشارع
سألت “الجزيرة نت” الشابة البريطانية إيشال جانجوا التي دعمت القانون ورأته يحافظ على خصوصية المتحولين جنسيا أو من هم في طريقهم إلى التحول، فقالت إن الوضع غير لائق لخصوصية الجميع خاصة في المستشفيات وسجون النساء.
بينما قالت فيبي سميث -تعمل بقطاع الصحة في العاصمة لندن- إنها لا تمانع من الوجود مع المتحولين جنسيا في أماكن مخصصة للنساء كالمستشفيات أو أماكن تبديل الملابس، لكنها تتفهم جيدا مشاعر النساء اللاتي لا يشعرن بالراحة في ذلك الموقف، مؤكدة ضرورة سنّ قانون يتعلق بالمتحولين جنسيا من المتهمين بقضايا عنف ضد النساء، فمن غير المنطقي حبسهم مع النساء.
جدل سجون النساء في أوروبا
يأتي هذا بعد الضجة التي أثارتها في يناير/كانون الثاني الماضي إدانة إيسلا برايسون بارتكاب جريمتي اغتصاب ضد امرأتين في أسكتنلدا، حيث كانت إيسلا وقت ارتكاب الجريمتين رجلا يدعى آدم غراهام.
آدم أعلن رغبته في التحول إلى أنثى، لكنه لم يجر أي عمليات جراحية قبل أو بعد توجيه الاتهامات إليه، بينما تم إخطار المحكمة أنه بدأ تناول هرمونات الأنوثة، وهو ما عدّته المحكمة سببا كافيا لمحاكمته بوصفه امرأة ووضعته في سجن النساء، في خطوة أثارت غضب ناشطي حقوق المرأة وعدّوا الأمر مثيرا للاشمئزاز ويشكل خطرا على السجينات.
واضطرت الحكومة الأسكتلندية إلى سنّ قانون من شأنه أن يرسل المتهمين من المتحولين جنسيا إلى سجون بحسب جنس الولادة، رغم وجود قانون الهوية الذاتية الذي يسمح لأي شخص يبلغ من العمر 16 عاما اختيار جنس آخر غير المولود به.
كما أعلنت ويلز أن المتهمين في قضايا عنف من المتحولين جنسيا لن يدخلوا سجون النساء، بينما فتحت اللجنة التوجيهية لمناهضة التمييز والتنوع والاندماج التابعة للاتحاد الأوروبي النقاش حول الأمر، لكن الإجراءات ما زالت تختلف بين دول الاتحاد الأوروبي بين من يعترف بتغيير الجنس دون الحاجة لسند طبي، ودول تعدّ الاستشارة الطبية ملزمة.
ويعمل الخبراء باللجنة الأوروبية على تضمين تدابير من شأنها ضمان العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع، ومن المتوقع إنهاء التقرير الختامي للجنة قريبا، بينما استبقت إيطاليا الجميع بتخصيص سجن خاص بالمتحولين جنسيا في مدينة بوزال عام 2010.
أزمة التربية الجنسية في المدارس
في سياق متصل، أدى الدعم الشعبي لإجراءات الحكومة البريطانية إلى ظهور العديد من القضايا الشائكة على السطح مثل تحديد النوع في المناهج التعليمية، حيث فُرض تدريس التوعية بالأنواع في التربية الجنسية بالمناهج الدراسية الإلزامية في سبتمبر/أيلول 2020.
في البداية اعترض العديد من الأهالي على المناهج وخسروا المعارك القضائية التي اعترضت على المحتوى، لكن بعد تفعيل تدريس تلك المواد ظهرت تصادمات حادة بين أهالي الأطفال ومؤيدي حريات مجتمع المثليين، حيث تدرّس كل المواضيع الجنسية بطريقة موسعة بما في ذلك التحول الجنسي والأنواع الجندرية من دون مراعاة أعمار الأطفال.
هذا الرفض من أولياء الأمور دفع أكثر من 50 نائبا إلى توقيع عريضة في مارس/آذار الماضي تفيد بأن الأطفال يلقَّنون أيديولوجيات متطرفة وغير مثبتة حول الجنس والنوع الاجتماعي، ودعت العريضة رئيس الوزراء للتدخل، وقد أيّد مكتب رئيس الوزراء محتوى العريضة.
وطالبت النائبة ميريام كيتس بإجراء تحقيق مستقل تدعو فيه لحذف كل المواد التعليمية غير اللائقة المتعلقة بالتربية الجنسية والأنواع الجندرية، موضحة أن الأطفال يتعرضون لدروس غير مناسبة لأعمارهم، وأن هناك قلقا حقيقيا من وجود دوافع سياسية وراء هذه المناهج.
بدورها، تصف صحف بريطانية تلك النقاشات بأنها قضية شائكة غارقة في الخوف، بسبب اتهامات بالتعصب يوجهها مؤيدو مجتمع المثليين لكل من تسوّل له نفسه الاقتراب منها، وهو ما ترفضه صحف بريطانية وتصفه بالتعصب الأعمى.
جدير بالذكر أن الحملة الانتخابية لرئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك تضمنت وعودا بأنه سيعمل على تعزيز الحقوق المتعلقة بالجنس البيولوجي، ومن قبله أيضا سلفه بوريس جونسون الذي أكد أكثر من مرة أهمية جنس الولادة، كما أقرّ جونسون قانونا يمنع بعض علاجات التحول الجنسي والهرمونات بتمويل من الهيئة الوطنية للصحة.
أما مجتمعات دعم المثليين فتعدّ كل تلك الخطوات إجراءات تصاعدية للتضييق على المثليين.