مراسلو الجزيرة نت
جاكرتا- في الوقت الذي تستهدف فيه الحكومة زيادة عدد دافعي الضرائب، ينشغل الشارع الإندونيسي منذ أيام بتغطيات إعلامية متلاحقة تمس ثروات مسؤولين بدائرة الضرائب من مناطق مختلفة، وذلك على خلفية ظهورهم أو أحد أفراد أسرهم بوسائل التواصل الاجتماعي وهم يمتطون عربات فارهة أو تبدو عليهم مظاهر ثراء أخرى.
ومما زاد من إثارة القضية إعلان الوزير المنسق للشؤون الأمنية والسياسية والقانونية محمد محفوظ الكشف عن تحويلات مالية تثير الريبة في أوساط وزارة المالية تصل قيمتها نحو 20 مليار دولار، في أكبر قضية يتم الحديث عنها في دائرة حكومية واحدة.
وقال محفوظ -الذي يرأس فريقا للتحقيق في جنايات غسل الأموال- إن هيئة مكافحة الفساد بدأت التحقيق في ثروات مسؤولين بدائرتي الضرائب والجمارك، وذلك بعد ضجة أثارها الكشف عن ثروات عدد من مسؤولي الضرائب، وما تبين من تحويلات مالية بين حساب أحد مسؤولي الضرائب و40 حسابا بنكيا آخر، بلغت قيمتها نحو 33 مليون دولار على مدى 4 سنوات.
وأكد أن ما يتحدث عنه مبني على بيانات مؤكدة، وخلاصة تحقيقات شملت أكثر من 160 تقريرا منذ 2009 وحتى العام الجاري، ترتبط بنحو 460 شخصا بوزارة المالية، ومنهم 69 شخصا أصحاب ثروات، مضيفا أنه كشف عن ذلك لأنه لا يمكن التعتيم على مثل هذا الأمر، وأنه سينكشف للرأي العام نهاية المطاف، مطالبا الهيئات المعنية بمتابعة التحقيق في أثر تلك التحويلات المشبوهة.
وأوضح الوزير المنسق للشؤون الأمنية أنه رفع تقريرا بهذا الشأن لوزيرة المالية سري مولياني، بشبهة غسل الأموال، وذلك عبر تحويلات لا تتجاوز قيمتها في المعاملة الواحدة عن ألف دولار، لكنها متكررة عشرات المرات.
من جهتها، قالت مولياني إنها تسلمت تقريرا يضم 36 صفحة حول تحويلات مالية مشبوهة في أوساط دائرة الضرائب والجمارك، لكنها لم تتوصل بعد إلى الرقم الذي ذكره محفوظ وهو حوالي 20 مليار دولار، متعهدة بمتابعة الأمر والعمل على حسم هذا الملف قانونيا.
تحقيقات واهتمام
في الإطار ذاته، بدأت هيئة مكافحة الفساد التحقيق في ثروات مسؤولين محددين في فروع مختلفة بدائرة الضرائب خلال الأيام الماضية. كما بدأت الهيئة التحقيق في قضية أخرى تتعلق بأسهم 134 موظفا -في دائرة الضرائب التابعة لوزارة المالية- الموزعة في 280 شركة خاصة، تنشط في مجالات مختلفة. وأشار مصدر بالهيئة إلى أنه في حالة تخصص تلك الشركات في الاستشارات الضريبية، فإن ذلك يمثل تعارضا في المصالح وظيفيا.
وقد لاقت هذه القضايا المتسارعة اهتمام البرلمانيين في خضم الإعداد للبدء في سنة انتخابية تستمر حتى فبراير/شباط المقبل، حيث تعقد الانتخابات التشريعية والرئاسية في وقت مبكر من العام مقارنة بالمواعيد السابقة.
في هذا السياق، دعا النائب عن حزب التنمية المتحد، أرسول ساني، إلى التحقيق والتدقيق بحق المسؤولين الذين يُشتبه في علاقتهم بالقضية، كما عبّر عمر سادات حسبيوان العضو بحزب النهضة القومية المشارك بالتحالف الحاكم عن امتعاضه من هذه الأنباء، متسائلا عن جدوى دفع الضرائب إن كانت مصير الأموال كما بدا لعامة الناس.
وأثنى أحمد ساهروني نائب رئيس لجنة الشؤون القانونية والأمنية والحقوقية في البرلمان على التقرير الذي كشفه بإيجاز الوزير محفوظ، متمنيا أن تقدم وزيرة المالية على متابعة الأمر، ومن جانبه دعا سانتوسو النائب عن الحزب الديمقراطي المعارض مركز سجل وتحليل المعاملات المالية إلى الكشف عن تفاصيل تلك الأرقام والأشخاص المرتبطين بها.
كما قال دافي لاكسونو النائب عن حزب غولكار -المشارك في التحالف الحاكم- إن ما تم الكشف عنه يثبت أنه ما زال هناك من يفلت من دائرة المنظومة المالية، بسبب سلوكيات بعض المسؤولين، مما يتسبب في خسائر للمال العام.