نشر موقع إنترسبت الأميركي (The Intercept) تقريرا كشف أن القوات الخاصة بالجيش الأميركي (سوكوم SOCOM) بصدد استخدام تقنية التزييف العميق (Deepfakes) وذلك بعد أن ظلت الحكومة الأميركية تحذر لسنوات من أن هذه التقنية يمكن أن تزعزع استقرار المجتمعات الديمقراطية وتهدد الحضارة.
وقال الصحفي الذي أعد التقرير، وهو سام بيدل المسؤول عن شؤون التكنولوجيا بالموقع، إن وثائق التعاقد الفدرالية التي راجعها الموقع كشفت عن أن قيادة سوكوم المسؤولة عن بعض المساعي العسكرية الأكثر سرية في البلاد، تستعد للقيام بحملات دعائية وحملات خداع على الإنترنت باستخدام مقاطع “فيديو التزييف العميق” المثير للجدل.
وأضاف أن قيادة سوكوم حددت تطلعات الدعاية للجيل المقبل في وثيقة مشتريات تسرد القدرات التي تسعى إليها في المستقبل القريب وتطلب عروضا من الجهات التي تعتقد أنها قادرة على بنائها.
مكافحة النيران بالنار
ونقل التقرير عن كريس ميسيرول رئيس مبادرة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الناشئة في معهد بروكينغز، قوله إنه وعندما يتعلق الأمر بالمعلومات المضللة، لا ينبغي على البنتاغون مكافحة النيران بالنار، مضيفا أنه على الولايات المتحدة أن تعمل، كل ما في وسعها، في هذا الوقت، الذي تتزايد فيه الدعاية الرقمية عالميا، لتعزيز الديمقراطية من خلال بناء الدعم للمفاهيم المشتركة للحقيقة والواقع، وليس تبني تقنية التزييف العميق التي تعمل عكس ذلك.
وأضاف ميسيرول أنه حتى إذا كان التزييف العميق ستتم الاستفادة منه في العمليات العسكرية والاستخبارية المستهدفة، فيجب أن يخضع استخدامه للمراجعة والإشراف.
وقال إن سوكوم، التي تتألف من وحدات النخبة من الجيش ومشاة البحرية، والبحرية، والقوات الجوية، وتقود العمليات العسكرية الأكثر حساسية في الدولة الأكثر فتكا في العالم، عادة ما تحارب في الظل، لكن سمعتها وبصماتها معروفة على نطاق واسع، وهي القوة التي قتلت أسامة بن لادن في باكستان مايو/أيار 2011.
شرعية الاستخدام
وأوضح التقرير أنه في حين أن تقنية التزييف العميق ظلت إلى حد كبير مادة للترفيه والمواد الإباحية، فإن إمكانية تنفيذ المزيد من التطبيقات المخيفة، أمر حقيقي. ففي بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، بدأ تداول صورة مزيفة رديئة عن أوامر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للقوات بالاستسلام على قنوات التواصل الاجتماعي. وبغض النظر عن الاعتبارات الأخلاقية، لم يتم التطرق إلى شرعية عمليات التزييف العميق العسكرية في النزاع، والتي تظل سؤالا مفتوحا، في وثيقة سوكوم.
الجمهور يفقد الثقة تماما
وأشار إلى أن سهولة استخدام التكنولوجيا وزيادة دقتها أدى إلى إثارة مخاوف من عصر لم يعد بإمكان الجمهور العالمي فيه تصديق ما يراه بأُم عينه.
وقال أيضا أن مصلحة سوكوم في نشر حملات التضليل المزيف تأتي بعد السنوات الأخيرة من القلق الدولي بشأن مقاطع الفيديو المزيفة والخداع الرقمي من الخصوم الدوليين، وعلى الرغم من وجود دليل ضئيل على أن جهود روسيا للتأثير رقميا على انتخابات 2016 كان لها أي تأثير ذي مغزى، فقد أعرب البنتاغون عن اهتمامه بمضاعفة قدراته الدعائية الرقمية، مع قيام قيادة العمليات الخاصة بدور حاسم، خشية أن تتخلف أميركا عن الركب.
وأشار سام بيدل إلى أنه في حين أن الدعاية العسكرية قديمة قدم الحرب نفسها، فقد تمت مناقشة التزييف العميق في كثير من الأحيان على أنه خطر تكنولوجي فريد من نوعه، يشكل وجوده تهديدا حضاريا.