في إطار رد الفعل الأميركي على إقرار الكنيست الإسرائيلي قانونا ينهي بشكل فوري قرارا كان نافذا منذ عام 2005 بإخلاء 4 مستوطنات في شمالي الضفة الغربية، استدعت الخارجية الأميركية -وفق الإذاعة الإسرائيلية- مايك هرتسوغ سفير تل أبيب لدى واشنطن.
وأُبلغ السفير الذي مثل أمام ويندي شيرمان، نائبة وزير الخارجية الأميركي بقلق واشنطن من قرار الكنيست، ووصفها القرار بأنه استفزازي، وتحذيرها على لسان المسؤولة الأميركية، من إمكانية أن تدفع الخطوة الإسرائيلية إلى مزيد من التوتر خلال شهر رمضان وأعياد الفصح اليهودي والمسيحي.
وجاء ذلك على خلفية أن الكنيست الإسرائيلي صدّق بالقراءتين، الثانية والثالثة، على إلغاء بنود في قانون فك الارتباط بشأن 4 مستوطنات شمالي الضفة الغربية، بعد 18 عاما من إقراره؛ ما يتيح للمستوطنين دخول هذه المستوطنات مرة أخرى والعودة للإقامة فيها.
توتر أميركي
وعن هذا القرار الأميركي، قال جويل روبن مساعد نائب وزير الخارجية الأميركي السابق -في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر” (2023/3/22)- إن قرار الخارجية الأميركية خطوة مهمة لها مغزى من طرف إدارة الرئيس جو بايدن، موضحا أنه تم الإقدام عليها بسبب قرار الكنيست الإسرائيلي بتغيير القانون وسحب القوات الإسرائيلية من الضفة الغربية وغزة، وهو ما أثار توترا في واشنطن لأنه يفتح الباب أمام عودة المستوطنات إلى الجزء الشمالي من الضفة الغربية وهو ما قد يثير حالة من العنف.
وأضاف أن إدارة بايدن تعمل جاهدة مع الأردن ومصر لضمان أن تسود حالة من الهدوء في عيد الفصح اليهودي ورمضان، ولكن هذه الخطوة الإسرائيلية لن تساعد على ذلك خاصة أنها بذلك تخلف وعودها بعدم القيام بأي خطوات استفزازية.
كما اعتبر أن القرار الأميركي غير معهود، ولكن واشنطن مقتنعة بأن الخطوة الإسرائيلية لا تقف عند حد الاستفزاز بل ستكون لها تداعيات مختلفة ولذلك كان الرد الأميركي صارما.
من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي سعيد عريقات أن القرار الأميركي باستدعاء السفير الإسرائيلي يعد حدثا استثنائيا للتعبير عن استياء حكومة واشنطن، ولكن هذا لا يعني أن الأمن الإسرائيلي لم يعد مقدسا لدى واشنطن، فهي غير راضية عن الحكومة الإسرائيلية وتأخذ بعين الاعتبار المظاهرات العارمة في إسرائيل.
كما أضاف أنه هناك حالة عدم رضا لدى المواطن الأميركي اليهودي، وهو ما دفع بأميركا لتستخدم كلمات قوية لتظهر استياءها ورغبتها في عدم قيام إسرائيل بمثل هذه الخطوات، ولكنه توقع ألا تقوم أميركا بخطوات أكبر مما قامت به.
علاقات وطيدة ولكن
أما على الصعيد الإسرائيلي، فأشار المحلل السياسي الإسرائيلي غولان برهوم إلى وجود علاقات وطيدة بين أميركا وإسرائيل، ولكنه اعتبر أن العائق الأساسي بينهما هو تغيير الجانب القانوني في السياسة الإسرائيلية، ففي شمال الضفة الغربية ربما لا يكون هناك بناء مستوطنات بشكل مكثف، ولكنه أشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية تطبق سياساتها بترخيص بلدات جديدة ولا يمكن أن يكون هناك تجميد كامل للبناء.
وتعقيبا على استدعاء الخارجية الأميركية السفير الإسرائيلي في واشنطن للاحتجاج على قرار الكنيست الذي يمهد لعودة المستوطنين إلى 4 مستوطنات شمالي الضفة، قال رئيس الوزراء الإٍسرائيلي بنيامين نتنياهو إن حكومته لا تنوي إقامة مستوطنات جديدة، رغم قرار الكنيست. لكن نتنياهو عاد ليصف خطوة الكنيست، بأنها تصحيح لما وصفه بأنه قانون تمييزي، حظر على اليهود العيش في بيوتهم، وفق تعبيره.
ونقل موقع أكسيوس عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن استدعاء السفير الإسرائيلي، كان نتيجة تصريحات وزير المالية ومسألة الإصلاح القضائي. وأضاف الموقع أن هؤلاء المسؤولين أكدوا له، أن إدارة بايدن كانت تفضل عدم المواجهة مع تل أبيب، من أجل التنسيق ضد إيران، وتعزيز اتفاقات التطبيع، لكنها كانت تتوقع حدوث أزمة مع الحكومة الإسرائيلية في وقت ما، وأنها حاولت تأجيل تلك المواجهة قدر الإمكان، وفق ما نقله الموقع.