قبل 12 عاما، تجمع متظاهرون في درعا جنوبي سوريا مطالبين بالديمقراطية تأسيا بما رأوه يحصل في تونس ومصر، لكن القمع العنيف الذي مارسه النظام جر البلاد إلى صراع مسلح دام، فما أهم محطات تلك الحرب الأهلية التي غدت الآن شبه منسية؟
سؤال ناقشته كاميل باجيلا في تقرير لها بصحيفة لوتان Le Temps السويسرية حددت فيه 6 تواريخ قالت إنها مثلت تحولات في هذه الحرب الأهلية:
أولا: 15 مارس/آذار 2011
يمكن القول إن ما حدث في هذا اليوم كان بمثابة الشرارة التي أدخلت سوريا الربيع العربي، إذ تحولت مدينة درعا إلى بؤرة لنشاط المؤيدين للديمقراطية بعد أن اعتقلت قوات الأمن السورية حوالي 15 مراهقا، لا لشيء إلا أنهم كتبوا شعارات معادية للرئيس بشار الأسد، فسجنوا وعذبوا لتتصاعد المظاهرات بعد ذلك وتطلق الشرطة النار على الحشود وتقتل شخصين وتصيب المئات بجروح، وقد أدى الكشف عن التعذيب الممنهج للمتظاهرين في السجن إلى صب الزيت على النار لينتشر بعد ذلك التمرد في البلاد.
ورغم بعض التنازلات الاجتماعية والاقتصادية، فإن نظام بشار الأسد واصل قمعه الشديد للثوار ليتجاوز عدد القتلى في يونيو/حزيران من العام نفسه ألف قتيل، وفي يوليو/تموز من السنة ذاتها، تحولت الحركة السلمية إلى تمرد مسلح.
وأصبح الجيش السوري الحر، المكون من منشقين عن الجيش النظامي ومدنيين وجماعات ذات تطلعات سياسية مختلفة، الجناح المسلح للمعارضة المؤيدة للديمقراطية وواجه نظام بشار، لتدخل البلاد في الحرب الأهلية.
ثانيا: 21 أغسطس/آب 2013
تم تجاوز الخط الأحمر، فقد أسفر هجوم كيميائي عن مقتل ما يقرب من 1500 شخص في الغوطة الشرقية، على مشارف دمشق.
وفي نهاية ذلك الشهر، قالت الحكومة الأميركية إن لديها دليلا على مسؤولية النظام عن الهجوم، وإنها بدعم من فرنسا تدرس توجيه ضربات انتقامية ضد بشار الأسد، ورغم أن ذلك كان خطا أحمر لدى الأميركيين، فإنهم اكتفوا في النهاية بتوقيعهم مع الروس على اتفاقية تقضي بتفكيك الترسانة الكيميائية السورية، ومع نهاية تلك السنة كان الصراع قد أودى بالفعل بحياة 130 ألف شخص.
ثالثا: 29 يونيو/حزيران 2014
صادف ذلك التاريخ اليوم الأول من شهر رمضان، وقد أعلن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وهو فصيل جهادي يدعي أنه سلفي، إقامة خلافة على الأراضي السورية والعراقية التي يسيطر عليها، وهكذا حكم هذا التنظيم بالحديد والنار المنطقة التي يسيطر عليها وهي بحجم بريطانيا، ويسكنها 7 ملايين نسمة، وقد انتهج فيها الإبادة الجماعية ضد الأقليات الدينية، كما شن حملة إرهابية في الخارج.
رابعا: 8 أغسطس/آب 2014
في هذا اليوم تدخل تحالف دولي مكون من 22 دولة، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، ضد تنظيم الدولة الإسلامية وقصف مواقع التنظيم في العراق، ولاحقا في سوريا ليبقى عام 2014 هو الأكثر دموية في الصراع الذي المستمر بعد ذلك، إذ شهد مقتل 76 ألف شخص في 12 شهرا وأجبر ملايين السوريين على الفرار.
وبموازاة ذلك بدأت روسيا تنفذ تدخلها الخاص في سوريا منذ سبتمبر/أيلول 2015، ملبية بذلك طلبا من بشار الأسد للمساعدة في القتال على جميع الجبهات المعادية للنظام.
خامسا: 22 ديسمبر/كانون الأول 2016
بفضل الدعم الروسي في الجو والمليشيات الموالية لإيران على الأرض، استعاد بشار مدينة حلب التي كانت رمزا في أيدي الثوار، لكن ذلك النصر تحقق بثمن باهظ بعد ممارسة أعمال عنف لا هوادة فيه، فقد دمرت الطائرات الروسية والبراميل المتفجرة السورية جزءا من المدينة، ليصل عدد من قتلوا حتى بداية عام 2017 حوالي 300 ألف شخص ونزح 6 ملايين داخل البلاد، ويغادر 6 ملايين آخرون سوريا.
سادسا: 23 مارس/آذار 2019
أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف عربي كردي تدعمه الولايات المتحدة، في هذا اليوم تحرير الباغوز ليخسر بذلك تنظيم الدولة آخر قطعة أرض كان يسيطر عليها، وهي قرية مساحتها كيلومتر مربع واحد، ووفقا لمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فقد قُتل ما لا يقل عن 306 آلاف و887 مدنيا منذ بدء الصراع في سوريا والذي لم ينته بعد.